جهاد اللص اليمين
جهاد اللص اليمين
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
ماذا كان جهاد اللص اليمين حتى خلص؟
إن الذين يدعون أن الخلاص هو بالإيمان وحده، يتساءلون: أية أعمال صالحة قد عملها اللص اليمين، وأي جهاد جاهده حتى خلص؟
ونحن نجيب بأن اللص عمل أشياء كثيرة، أهمها:
أ – آمن اللص بالرب في ظروف قاسية جدًا:
مجرد إيمان اللص لم يكن أمرًا سهلا. لو أنه آمن بالرب، وهو يقيم الموتى، ويشفى المرضى، ويمشى على الماء، وينتهر الريح، ويعمل المعجزات الخارقة، لقلنا أن تلك أمور واضحة لا تقبل الشك. ولكنه آمن بالمسيح وهو مصلوب ! آمن به وهو مهان ومحتقر من الناس، وأمام الكل في حالة ضعف! يلطمونه، ويبصقون على وجهه، ويستهزئون به ويقولون له (تنبأ من لطمك)!
كانت المقاومات كثيرة من كل ناحية أمام هذا الإيمان. ولو أن هذا اللص لم يؤمن لالتُمِس له الناس الأعذار. فكيف يمكن أن يؤمن برجل مصلوب مهان أنه اله؟! لا بُد أن اللص كان محتاجًا إلى جهاد كبير مع نفسه من الداخل إلى هذا الإيمان، مقاتلًا الشكوك الكثيرة التي تقف أمامه وتكاد تلغى إيمانه..
كل من يقول إن اللص لم يجاهد، يبدو أنه لم يتخيل ويتصور الموقف الذي أحاط باللص..
ذلك الموقف الذي أعثر فيه غالبية الناس، حتى التلاميذ الذين قال لهم الرب (كلكم تشكون في هذه الليلة لأنه مكتوب أضرب الراعي فتتبدد الخراف) (مر 14: 27). وفعلًا تبددت الرعية كلها ! ولم يستطع أن يقف إلى جوار الصليب إلا المريمات ويوحنا الحبيب فقط.. وهذا اللص!
انشق حجاب الهيكل، وأظلمت الشمس، وتشققت الصخور فهل كان هذا كافيًا للإيمان؟ إننا نعرف جيدًا أنه على الرغم من كل ذلك، لم يؤمن رؤساء الكهنة والكهنة والشيوخ والكتبة والفريسيون. كما لم يؤمن اللص الآخر أيضًا.. إن إيمان اللص اليمين لم يكن أمرًا هينًا.
ب - اعترف بالرب اعترافًا كاملًا:
إن عبارة (اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك) (لو 23: 42). تحمل معاني كثيرة: فهو قد اعترف بالمسيح ملكوتًا، وأنه آت إلى ملكوته، أي أن ليس للموت سلطان عليه. وآمن أيضًا بأن المسيح يمكنه أن يدخله الملكوت، أي آمن بأن خلاصه سيكون على يد هذا المصلوب معه.
وكان لهذا اللص رجاء كبير. فعلى الرغم من كل ما فعله في حياته من شرور بشعة، آمن أنه يمكن لمثله أن يخلص وأن يدخل الملكوت، عن طريق المسيح.
ولم يكتف هذا اللص بإيمانه، وإنما اعترف بهذا الإيمان علانية، أمام الجميع، بلا خجل..
الأمر الذي لم يقدر عليه بطرس الرسول وغالبية الرسل والتلاميذ.
إن اللص لم يعترف قط بإيمانه بالمسيح، وإنما:
ج - اعترف أيضًا بخطاياه:
لم يكتف اللص بالاعتراف بالإيمان، وإنما ملكته الغيرة المقدسة حينما سمع زميله يجدف على المسيح قائلًا (إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا) فأجابه اللص اليمين منتهرًا (أو لا تخاف أنت الله، إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. أما نحن فبعدل (جوزينا) لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محله) (لو 23: 39 – 41).
وهكذا اعترف اللص بخطاياه، واعترف باستحقاقه للعقاب.
اعترف أنه إذ يموت مصلوبًا، إنما ينال استحقاق ما فعل. فكأنه لم يستعظم الحكم، وإنما قال (نحن بعدل جوزينا).
وكان هذا اللص روحيًا في مسلكه: فبينما كان اللص الآخر يفكر في وسيلة للنجاة من الموت والصلب، قائلًا للمسيح (خلص نفسك وإيانا)، كان هذا اللص المؤمن يفكر في الملكوت
ويتوسل إلى السيد من أجل خلاصه الأبدي، لا من أجل أن ينقذه من موت الجسد. من جهة موت الجسد فقد رضى اللص اليمين به عقابًا على خطاياه. ولكنه وجد هذه اللحظات لازمة له للتفكير في أبديته. وانشغل ذهنه بالرب وملكوته، لذلك نراه أيضًا يدافع عن الرب.
د – دافَع عن الرب:
وقف المسيح وحيدًا يدافع عنه أحد ممن تنعموا بنعمة ومعجزاته. لم يدافع عنه أحد من رسله ولا من السائرين وراءه. وباستثناء أسماء قليلة، ارتفع صوت هذا اللص، يُخْجِل الآلاف من ناكري الجميل قائلًا (وأما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محله).
دفاع عجيب من شخص يستقبل الموت، دل به على أن البشرية ما تزال فيها بقية من خير. لذلك استحق أن يقول له الرب (اليوم تكون معي في الفردوس).
أيسأل إذن ويقولون: ماذا كان جهاد اللص وما الذي فعله؟ إنني أسألهم جميعًا سؤالًا آخر يسرني أن أسمع الإجابة عليه، وهو: ماذا كان بإمكان هذا اللص أن يفعل أكثر من هذا ولم يفعله؟!
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
هذا البحث الذي كتبه نيافة الأنبا شنوده أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية، بحث يمتاز بالوضوح والدقة والشمول، في موضوع من أهم الموضوعات التي تشغل أذهان المؤمنين في كل العصور، لأنه يتصل بقضية (الخلاص) وهى غاية الإيمان، وتاج الرجاء المسيحي..
فيه ترى التعليم الأرثوذكسي القويم، مؤيدا بمنطق سليم واستخدام صحيح للنصوص المقدسة، كاشفًا الأغاليط..
إنني أشهد أن هذا الكتاب القيم أمكن أن يعالج موضوع (الخلاص) لأول مرة معالجة وافية، تكفي لن تعطي صورة مشرفة صادقة لتعليم كنيستنا الأرثوذكسية في مشكلة الخلاص.
نيافة الأنبا غريغوريوس
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
علينا أن نجمع كل ما يواجه أبناءنا خارج الكنيسة، من أفكار وتيارات وحروب وشكوك ونقدم لهم ردودًا..
وتكون هذه أيضا مسئولية كنائسنا ومجلاتنا ومفكرينا، بل تكون هذه أيضا مسئولية كلياتنا الإكليريكية .
هذا الجيل الذي نعيش فيه، يحتاج إلى اهتمام خاص بالإيمان. ويكفى كبرهان نظرة واحدة إلى المكتبات والمطبوعات.
وهو جيل لا تصلح له السطحية في التعليم، وإنما يجب إعداد المعلمين بعمق خاص في الفهم والمعرفة والدراسة.
وينبغي أن تكون للخدام دراسات مستمرة تنشط معلوماتهم، وتجعلها مناسبة لجيلهم .
كل عصر له أفكاره، وله الدراسات التي تناسبه.
ولا يجوز أن يعيش الخدام في غير جيلهم، لا يشعرون بالحروب التي يتعرض لها أبناؤهم، بالشكوك الفكرية التي تهاجهم.
وما أجمل قول الرسول : ( كونوا مستعدين في كل في كل حين، لإجابة كل من يسألكم، عن سر الرجاء فيكم )
خدمات الموجة القبطية
خدمات الموجة القبطية