تتت
تتت
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
79- متى نصل إلى الخلاص؟ إن كان المؤمن يمكن أن يسقط، ويمكن أن يهلك، وإن كان هناك أناس قد بدأوا بالروح وكملوا بالجسد، فمتى نقول إذن عن الإنسان إنه قد خلص تمامًا؟ نقول ذلك عندما يكمل أيام غربته على الأرض بسلام. ذلك لأننا في حرب وصراع، طالما نحن في الجسد (أف 6: 10). نحن في حرب لم نعرف نتيجتها بعد، لأنه من الجائز أن يكسب إنسان الجولة الأولى، ويخسر في الجولة الثانية. من يضمن؟! ولا يستطيع محارب أن يقول أنه انتصر، إلا بعد نهاية الحرب، أي بعد خلع هذا الجسد. لذلك يقول الرسول (تمموا خلاصكم بخوف ورعدة) (فى 2: 12). ويقول أيضًا (انظروا إلى نهاية سيرتهم) (عب 13: 7). نصوص مقدسة عن خلاصنا المنتظر: * يقول القديس بولس (فان سيرتنا نحن هي في السموات، التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع، الذي سيغير شكل جسد تواضعًا ليكون على صورة جسد مجده) (فى 3: 20). هذا هو الخلاص، عندما نخلع هذا الجسد المائت، نلبس جسد المجد.. بعد مجيء المسيح الثاني والقيامة العامة. * ويقول كذلك (هكذا المسيح أيضًا بعدما قدم مرة لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر ثانية بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه) (عب 9: 28). تحدث الرسول هنا أيضًا عن الخلاص النهائي الذي يحدث بعد مجيء المسيح الثاني. * وهكذا يقول القديس بطرس الرسول (أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير) (1 بط 1: 5) * هذه الحقيقة ذاتها، وضحها مار بولس عندما أمر بخصوص خاطئ كورنثوس (أن يسلم مثل هذا الشيطان لهلاك الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب) (1كو 5: 5). * عن هذا الخلاص المقبل يقول الرسول لأهل رومية (13: 11). (فان خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا). * ويقول لتلميذه القديس تيموثيئوس الأسقف (لاحظ نفسك وداوم على ذلك. لأنك إذا فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا) (1 تى 16:4). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). فهذا القديس كان محتاجًا أن يلاحظ نفسه، ويلاحظ خدمته، ويداوم على هذه الملاحظة، لكي يخلص. * وعن هذا الخلاص المنتظر يقول القديس بطرس الرسول (إن كان البار بالجهد يخلص..) (عب 1: 14). * هذا الخلاص الأخير يحتاج إلى صبر وجهاد حتى ناله في المجد. وفي هذا يقول القديس بولس (لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء، لأجل المختارين لكي يحصلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدى) (2 تى 2: 10). إذن فهؤلاء المختارين لم ينالوا الخلاص الذي فيه المجد الأبدي، على الرغم من أنهم نالوا خلاصًا بدم المسيح في المعمودية. ولكنه مجرد عربون (أف 1: 14). يمكن أن نفقده أن أبطلنا جهادنا وانحرفت إرادتنا.. هذا الخلاص الأخير، كيف نناله؟ يجيب الرسول قائلًا (فلنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا) (عب 12: 1). ومن يصبر إلى المنتهى، فهذا يخلص. 80- هل اختار الله أناسًا معيّنين للخلاص؟ أ- خلاص مقدم للجميع ب – وضع الله الاختيار في أيدي الناس ج - نصوص كثيرة تدل على أن الإرادة بيد الإنسان د – الله مستعد أن يرجع عن حكمه ه - الرد على بعض الاعتراضات و – بحث الأمر من الناحية اللاهوتية 81- خلاص مُقَدَّم للجميع يجيب الكتاب إجابة واضحة عن هذا السؤال فيقول (لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله، الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون) (1 تى 2: 4). إن الله يريد أن جميع الناس يخلصون وليست مجموعة معينة منهم. محبة الله قد شملت العالم كله. ولذلك فهو يقول (إني أسر بموت الشرير، بل أن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا) (حز 33: 11). لهذا فانه في قضية الفداء يقول الكتاب (هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية) (يو 3: 16). هنا نرى أن محبته عامة للجميع، للعالم كله. والخلاص مقدم بصفة عمومية لكل من يؤمن به فاديًا وليس لمجموعة معينة. وهذا المعنى يكرره أيضًا يوحنا الحبيب في الحديث عن ذبيحة المسيح الكفارية، إذ يقول (وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا) (1 يو 2: 2). إذن فالسيد المسيح قد قدم الخلاص للجميع، بذل نفسه عن الجميع. هو كفارة لخطايا العالم كله، يريد أن الجميع يخلصون. هذه العمومية شرحها معلمنا بطرس الرسول فقال (بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه. بل في كل أمة يتقيه ويصنع البر مقبولًا عنده.. هذا هو رب الكل) (أع 10: 34-36). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). ويشبه هذا أيضًا ما قاله بطرس في يوم الخمسين (ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص). إذن فالله يريد أن جميع الناس يخلصون. فان لم يخلصوا جميعًا، فلا يمكن أن يرجع السبب إلى الله، وإنما إلى الناس، لأنهم هم لم يريدوا لأنفسهم الخلاص وليس أن الله لم يرد لهم الخلاص. 82- وضع الله الاختيار في أيدي الناس إن الله كصالح ومحب لا يشاء أن يهلك خاطئ واحد، بل يريد لكل خاطئ أن يرجع ويحيا. ومع ذلك فقد وضع الاختيار في أيدي الناس، ترك الحرية لكل إنسان لكي يختار لنفسه. وفي ذلك يقول السيد الرب للإنسان: (انظر. قد جعلت اليوم أمامك الحياة والخير، والموت والشر.. أشهد عليكم السماء والأرض. قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك) (تث 15: 19). ولو لم يكن الاختيار في يد الإنسان، فلماذا إذن أرسل الله الرسل والأنبياء؟ ولماذا إذن وضع لنا الوصايا وقدم الإنذارات؟ لماذا عين الكهنة والمعلمين؟ ما فائدة هذا كله لو كان هنا أناس معينين للخلاص، وآخرون معينين للهلاك؟! 83- الإرادة بيد الإنسان بشهادة الكتاب المقدس كثير من وصايا الله المقدسة تبدأ بعبارة (إن أراد أحد) أو (إن أردت) أو (إن سمع أحد لصوتي).. وأشباه هذه من العبارات، مما يدل على أن الإرادة في يد الإنسان، يختار لنفسه ما يشاء ويحدد مصيره حسب عمله. وسنضرب أمثلة لكل هذا: قال ربنا يسوع المسيح (إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه، ويحمل صليبه ويتبعني. فان مَنْ أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها) (مت 16: 24، 25). وقال للشاب الغنى (أن أردت أن تدخل فأحفظ الوصايا أن أردت أن تكون كاملًا، فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء) (مت 19: 17، 21). وقال في رسالته إلى ملاك كنيسة لاودكيا (هاأنذا واقف على الباب وأقرع. أن سمع أحد صوتي وفتح الباب. أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي) (رؤ 3: 20). من جهة الله فانه واقف يقرع على الباب، ومن جهة الإنسان فهو الإنسان فهو الذي يملك الاختيار: يفتح أو لا يفتح ونتيجة لهذا يتحدد مصيره. وكثيرًا ما يريد الله، ولا يريد الإنسان، يريد الله الخير للإنسان، ولا يريد الإنسان الخير لنفسه، ويتركه الله لحرية إرادته، يلقى مصيره حسبما يشاء. مثال ذلك قول الرب في بكائه على أورشليم (كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا). مت 23: 37، 38). ومثال ذلك أيضًا توبيخ الرب لليهود إذ قال لهم (ولا تريدون أن تأتوا إلى لتكون لكم حياة ) (يو 5: 40). ويدخل في هذا النطاق أيضًا مثال العرس والمدعوين، إذ يقول الرب عن صاحب العرس (وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس، فلم يريدوا أن يأتوا) (مت 22: 3) إنهم مدعوين إلى العرس وليسوا معدين للهلاك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). الله يفتح لهم ملكوته، ولكنهم يرفضون أن يدخلوا. وفى مثال العرس هذا نجد أن الدعوة تكررت أكثر من مرة ومن مرتين. وفي كل مرة يرسل الرب إلى هؤلاء المدعويين عبيدًا آخرين، ولكنهم لم يريدوا أن يأتوا. لذلك ختمت هذه المأساة بقول الرب لعبيده (أما العريس فمستعد، وأما المدعوون فلم يكونوا مستحقين) (مت 22: 8). من أعمق الأمثلة على مدى اهتمام الله بإرادة الإنسان في تقرير مصيره. أنا السيد المسيح له المجد يقول للمريض قبل شفائه (أتريد أن تبرأ؟) (يو 5: 6) أن الطبيب العظيم مستعد أن يشفى، ولكن مشكلة الذين يهلكون هي أنهم لا يريدون أن يبرأوا. 84- الله مستعد أن يرجع عن حكمه هل يوجد أوضح من هذا دليلًا على عمق رغبة الله في الاهتمام بخلاصنا؟! لا مانع لدى الله في أن يرجع عن حكمه أن رجع الإنسان عن شره وطلب لنفسه الخلاص. (وإذا قلت للشرير موتا تموت. فان رجع عن خطيئته وعمل بالعدل والحق.. وسلك في فرائض الحياة بلا عمل إثم، فانه حياة يحيا. لا يموت. كل خطيئته التي أخطأ بها لا تذكر عليه. عمل بالعدل والحق، فحياة يحيا) (حز 33: 14 – 16). وهذا المعنى ذاته ذكره الله أيضًا في سفر أرميا النبي، إذ قال (تارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالقلع والهدم والإهلاك، فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها، فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها. وتارة أخرى أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس. فتفعل الشر في عيني فلا تسمع لصوتي، فأندم على الخير الذي قلت إني أحسن إليها به) (أر 18: 7 – 10). ولنا مثل عملي واضح في قصة نينوى: لقد أصدر الله عليها حكمًا. ولكن أهل نينوى تابوا بمناداة يونان. وهكذا يقول الكتاب (فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه) (يونان 3: 10). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). إذن الأمر يتوقف على الإنسان. ولذلك فان معلمنا يعقوب الرسول يقول (اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم) (يع 4: 8). والله نفسه يقول في سفر ملاخي النبي (ارجعوا إلى أرجع إليكم) (ملا 3: 7).
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
هذا البحث الذي كتبه نيافة الأنبا شنوده أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية، بحث يمتاز بالوضوح والدقة والشمول، في موضوع من أهم الموضوعات التي تشغل أذهان المؤمنين في كل العصور، لأنه يتصل بقضية (الخلاص) وهى غاية الإيمان، وتاج الرجاء المسيحي..
فيه ترى التعليم الأرثوذكسي القويم، مؤيدا بمنطق سليم واستخدام صحيح للنصوص المقدسة، كاشفًا الأغاليط..
إنني أشهد أن هذا الكتاب القيم أمكن أن يعالج موضوع (الخلاص) لأول مرة معالجة وافية، تكفي لن تعطي صورة مشرفة صادقة لتعليم كنيستنا الأرثوذكسية في مشكلة الخلاص.
نيافة الأنبا غريغوريوس
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
علينا أن نجمع كل ما يواجه أبناءنا خارج الكنيسة، من أفكار وتيارات وحروب وشكوك ونقدم لهم ردودًا..
وتكون هذه أيضا مسئولية كنائسنا ومجلاتنا ومفكرينا، بل تكون هذه أيضا مسئولية كلياتنا الإكليريكية .
هذا الجيل الذي نعيش فيه، يحتاج إلى اهتمام خاص بالإيمان. ويكفى كبرهان نظرة واحدة إلى المكتبات والمطبوعات.
وهو جيل لا تصلح له السطحية في التعليم، وإنما يجب إعداد المعلمين بعمق خاص في الفهم والمعرفة والدراسة.
وينبغي أن تكون للخدام دراسات مستمرة تنشط معلوماتهم، وتجعلها مناسبة لجيلهم .
كل عصر له أفكاره، وله الدراسات التي تناسبه.
ولا يجوز أن يعيش الخدام في غير جيلهم، لا يشعرون بالحروب التي يتعرض لها أبناؤهم، بالشكوك الفكرية التي تهاجهم.
وما أجمل قول الرسول : ( كونوا مستعدين في كل في كل حين، لإجابة كل من يسألكم، عن سر الرجاء فيكم )
خدمات الموجة القبطية
خدمات الموجة القبطية