تتت
تتت
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
غير إننا نود أن نفهم أولًا على أي أساس تبنى هذه الثقة. لذلك لسنا نجد -في مقدمة موضوعنا هذا- خيرًا من التوضيح الجميل الذي قدمه لنا معلمنا يوحنا الرسول، عن شروط الثقة وأسبابها وأساسها. فما هي الأسس التي تحدث عنها يوحنا الرسول؟ 46- شرط راحة الضمير St-Takla.org Image: Saint John, Revelation - Modern Coptic icon by T. Sawsan صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوحنا الحبيب الإنجيلي الرسول الرائي والتلميذ - أيقونة قبطية حديثة رسم تاسوني سوسن يقول القديس يوحنا الرسول (أيها الأحباء، إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله) (1 يو 3: 21). هنا شرط: إن لم تلمنا قلوبنا. أي إن كان ضميرنا لا يلومنا أو لا يبكينا على شيء. إن كنا لا نخطئ في شيء يجعل قلوبنا تلومنا.. مصدر الثقة هنا إذن، وأساسها الذي تبنى عليه، هو أن قلوبنا تكون راضية من جهة علاقتنا بالله، لا تلومنا على شيء. أما إذا لا متنا، فان الثقة بالتالي تتزعزع بلا شك. إذن تأتي الثقة من راحة الضمير. وكيف تأتي راحة الضمير هذه؟ يوضح القديس يوحنا هذه الفكرة فيقول: (إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله. ومهما سألنا ننال منه، لأننا نحفظ وصاياه، ونعمل الأعمال المرضية أمامه (1 يو 3: 21، 22). لقد اتضح إذن مصدر هذه الثقة. وهو أننا نحفظ وصايا الله، ونعمل الأعمال المرضية أمامه. هذا هو حجر الزاوية في التعليم طالما نحفظ وصايا الله ونعمل الأعمال المرضية أمامه، فان ضميرنا يكون مستريحًا، ولا يوجد شيء تلومنا قلوبنا عليه، وحينئذ يكون لنا ثقة من نحو الله. ماذا قال معلمنا يوحنا الرسول أيضًا؟ شرط الثبات في المسيح.. 47- شرط الثبات في المسيح يقول (والآن أيها الأولاد، اثبتوا فيه. حتى إذا أظهر، يكون لنا ثقة، ولا نخجل منه في مجيئه. إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه) (1 يو 2: 28، 29) هنا شرط آخر للثقة، وهو أن نكون ثابتين في المسيح. فان لم نثبت في المسيح، لا تكون لنا ثقة، ونخجل منه في مجيئه.. إنه تعليم واضح. St-Takla.org Image: Loony Gears animation gif صورة في موقع الأنبا تكلا: تروس متحركة St-Takla.org Image: Loony Gears animation gif صورة في موقع الأنبا تكلا: تروس متحركة هل تقول إذن: أنا خلصت، إني واثق، أنا ضامن للملكوت!! بينما ضميرك يوبخك على سلوك معين، أو أنت غير ثابت في المسيح. حينئذ تكون في موقف من يخدع نفسه، أو من يتكلم كلاما في الهواء. أتريد أن تكون لك ثقة؟ اثبت في المسيح. وإن أردت أن تعرف ما معنى الثبات فيه، تعال بنا نسأل الكتاب ونسترشد به: يقول بولس الرسول (اثبتوا إذن في الحرية التي قد حررنا المسيح بها، ولا ترتبكوا أيضًا بنير عبودية) (غل 5: 1). أي لا تسمح لآية خطية أن تستعبدك. وماذا أيضًا في معنى الثابت؟ يقول يوحنا الرسول موضحًا (كل من يثبت فيه لا يخطئ. كل من يخطئ، لم يبصره ولا عرفه) (1 يو 3: 6). إذن إن كنت تخطئ. فأنت غير ثابت فيه. وإن كنت غير ثابت فيه، فلا تكون لك ثقة. وحينئذ تخجل منه في مجيئه. ما أسهل إذن أن تقول إني واثق، أو تقول إني ضامن للملكوت، دون أن تقدر ما يقوله الكتاب في شرح معنى هذه الثقة، التي تتطلب منك أن لا تخطئ.. يؤكد يوحنا الرسول هذا المعنى، فيقول في نفس رسالته: (من يحفظ وصاياه يثبت فيه، وهو فيه) (1 يو 3: 24). هذا هو الثبات المتبادل، يأتي عن طريق حفظ الوصايا. ولكن إلى أية درجة يحفظ الإنسان الوصايا؟ يجيب الرسول: (من قال إنه ثابت فيه، ينبغي أنه كما سلك ذاك يسلك هو أيضًا) (1 يو 2: 6). من يجرؤ بعد هذا النص الصريح أن يقول إنه ثابت في الرب؟! وإن كنا غير ثابتين، فكيف إذن تكون لنا ثقة، ولا نخجل منه في مجيئه. إذن بدلا من عبارة إني واثق، وإني ضامن، يحسن بعد هذا كله، أن نقف مع العشار المنسحق، ليقرع كل منا قلبه ويقول (ارحمني يا رب فإني خاطئ) (لو 18: 13). تستطيع أن تقول إنك واثق وإنك ضامن الملكوت، إن كنت على الدوام ثابتًا في المسيح، كما سلك هو تسلك أنت أيضًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). أو على الأقل إن كنت على الدوام تحفظ وصاياه، وتفعل في كل حين ما يرضيه. لأن الرسول يقول (وأما الذي يصنع مشيئة الله، فيثبت إلى الأبد) (1 يو 2: 17). ويقول أيضًا (إن ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء فأنتم أيضًا تثبتون في الابن وفي الآب) (1 يو 2: 24). ورب المجد نفسه يشرح لنا أهمية الثبات فيه، فيقول (إن كان أحد لا يثبت فيَّ، يطرح خارجًا كالغصن، فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق) (يو 15: 6). أتريد إذن أن تثبت فيه كالغصن، وتسرى فيك عصارة الكرمة فلا تجف، ولا تلقى إلى النار فتحترق، اسمع الرب يقول، (من يأكل جسدي ويشرب دمى، يثبت في وأنا فيه) (يو 6: 56). وماذا أيضًا يا رب؟ يقول (ويحيا إلى الأبد) (يو 66: 58). إذن فمن شروط الثقة: راحة الضمير، والثبات في الرب، بكل ما يحمل هذان الشرطان من تفاصيل. فما هو الشرط الثالث إذن؟ أنه: شرط المحبة الكاملة. 48- شرط المحبة الكاملة St-Takla.org Image: "The righteous God tests the hearts and minds" (Psalms 7:9; Revelation 2:23), hand holding a heart, love صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب "فَاحِصَ الْقُلُوبِ وَالْكُلَى" (سفر المزامير 7: 9؛ سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 23)، يد تحمل قلب، الحب St-Takla.org Image: "The righteous God tests the hearts and minds" (Psalms 7:9; Revelation 2:23), hand holding a heart, love صورة في موقع الأنبا تكلا: الرب "فَاحِصَ الْقُلُوبِ وَالْكُلَى" (سفر المزامير 7: 9؛ سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 23)، يد تحمل قلب، الحب قال الرسول إنه من ضمن شروط الثقة، أن تثبت الإنسان في الله، ولكي يثبت في الله، ينبغي أن يثبت في المحبة، لأن الله محبة. وهكذا قال القديس يوحنا الحبيب (الله محبة. من يثبت في المحبة في الله، والله فيه (1 يو 4: 16). فإن ثبت الإنسان في محبة الله، وتكاملت محبته، حينئذ تكون له ثقة. ولهذا يتابع الرسول كلامه فيقول (بهذا تكملت المحبة فينا، أن يكون لنا ثقة في يوم الدين) (1 يو 4: 17). وكيف نثبت في محبة الله؟ يقول الرب نفسه: (إن حفظتم وصاياي، تثبتون في محبتي، كما إني أنا قد حفظت وصايا أبى وأثبت في محبته) (يو 15: 10). لكي نصل إذن إلى المحبة الكاملة التي تجلب الثقة علينا بلا شك أن نكون كاملي في حفظ وصاياه. وطبيعي أننا إن وصلنا إلى هذه الثقة كنتيجة للمحبة الكاملة، حينئذ لا نخاف بل نطمئن. ولهذا يتابع الرسول كلامه فيقول (لا خوف في المحبة. بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج). (1 يو 4: 18). فهل وصلت أيها الأخ إلى المحبة الكاملة؟ هلي أصبحت تحب الرب من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك؟ وهل في محبتك لله أصبحت تبغض العالم بكل ملاذه وشهواته وأمجاده، وتبغض حتى نفسك؟ إن كنت كذلك، وإن استمر الحال بك كذلك، فطوباك. لك أن تثق، طالما أنت ثابت في هذه المحبة الكاملة. 49- الثقة واليقين في رسائل يوحنا الرسول St-Takla.org Image: Coptic icon of St. John صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية للقديس يوحنا St-Takla.org Image: Coptic icon of St. John صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية للقديس يوحنا إذن فالثقة كما يشرحها معلمنا القديس يوحنا الرسول، لها شروط: 1- شرط راحة الضمير 2 - شرط الثبات في المسيح 3 – شرط المحبة الكاملة St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت ومن شروطها أن يحفظ الإنسان وصايا الله ويعمل كل حين ما يرضيه، حتى يرتاح بذلك ضميره، ولا يلومه قلبه على شيء. ومن شروطها الثبات في المسيح، بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى. ومن شروطها الوصول إلى. المحبة الكاملة من نحو الله، حتى تستطيع المحبة أن تطرح الخوف إلى الخارج. إن وصول الإنسان إلى هذه الدرجات، تكون له الثقة الكاملة، ويصل إلى (يقين بولس) الذي يتغنون به، والذي سنشرحه الآن. صدقوني، إن كثيرًا من الذين يقولون إنهم واثقون وضامنون، تفكيرهم سطحي جدًا، ولم يصلوا إلى الفهم الحقيقي لمعنى هذه الثقة كما شرحها القديس يوحنا الرسول. 50- يقين بولس وإكليله يقولون إنهم واثقين من الخلاص لأن بولس الرسول قد قال (وأخيرًا وضع لي أكليل البر) (2 تى 4: 8). وأيضًا لأنه قال (لأنني عالم بما آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعته إلى ذلك اليوم ) (2 تى 1: 12). أ – من قال هذا الكلام؟ أول شيء ينبغي أن نعرفه هو: من قال هذه العبرات؟ لقد قالها بولس الرسول وهو من أكبر الرسل لا منازع، بولس الذي قال (مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ) (غلا 2: 20). St-Takla.org Image: The Apostle, and the Letters - Coptic icon by Tasone Sawsan. صورة في موقع الأنبا تكلا: الرسول والرسائل - أيقونة قبطية رسم تاسوني سوسن. St-Takla.org Image: The Apostle, and the Letters - Coptic icon by Tasone Sawsan. صورة في موقع الأنبا تكلا: الرسول والرسائل - أيقونة قبطية رسم تاسوني سوسن. بولس الذي قال (فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا) (رو 8: 38، 39). لقد قال هذا الكلام بولس الذي اختطف إلى السماء الثالثة.. الذي أشفق الله عليه من فرط الإعلانات (2 كو 12: 2، 7).. فهل أيها الواثق تشبه بولس الرسول فيما وصل إليه من سمو وروحانية ونعمة؟! لا يجوز مطلقًا أن تأخذ حالة القديسين وتنسبها إلى نفسك (إن كان بولس موقنا، فليس معناه أنك كذلك.. ثم هناك نقطة أخرى وهي: ب – متى قال القديس بولس هذا الكلام؟ قال مار بولس هذه العبارات وهو في أواخر أيامه لذلك قال قبلها مباشرة (فإني أنا الآن أسكب سكيبًا، ووقت انحلالي قد حضر) (2 تى 4: 6). وقال هذا أيضا بعد أن جاهد الجهاد الحسن، وأكمل السعي، وحفظ الإيمان) (2 تى 4: 7). ولا مانع مطلقًا -بالنسبة إلى إنسان بار قديس في أواخر أيامه- أن يعطيه الرب ثقة ورجاء، أو أن يجعله يرى الإكليل الذي ينتظره، كما كان بعض الشهداء يرون أكاليلهم قبل سفك دمائهم من أجل المسيح. ومع ذلك فلنفحص هاتين العبارتين بالتدقيق، ونرى على أي شيء يدلان. ج - (إني موقن أنه قادر): يقول بولس الرسول أنه موقن بأن الله قادر أن يحفظ وديعته، فماذا تعنى هذه العبارة؟ لا شك أن الله قادر على أن يحفظ وديعة أي إنسان، ولكن ماذا عن الإنسان ذاته؟ في أي اتجاه تسير إرادته؟ إن الله قادر، وربما أنت لا تريد.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). الله قادر أن يحفظ وديعتك، وأنت وربما تلقيها بحرية إرادتك إلى الجحيم.. ألم يقل (كم مرة أردت.. ولم تريدوا) (مت 23: 37). إن قدرة الله أمر لا يشك فيه أحد. ولكن قدرة الله لا تلغى حرية إرادتك. بالنسبة إلى مار بولس الرسول، كانت حرية إرادته متفقة اتفاقًا كاملًا مع قدرة الله على حفظ وديعته. فهل أنت كذلك؟! نتناول بعد هذه العبارة الأخرى التي قالها الرسول: د – (أخيرًا وضع لي أكليل البر): قال بولس الرسول (أخيرًا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل). قال إن الإكليل قد وضع، ولم يقل أنه قد أخذ الإكليل، فالكليل موضوع يأخذه البار في ذلك اليوم. وكم من أشخاص وضع لهم هذا الإكليل وفقدوه. لذلك ينذر الرب ملاك كنيسة فلادلفيا، قائلًا له (تمسك بما عندك، لئلا يأخذ أحد إكليلك) (رؤ 3: 11). ه - ماذا قال الرسول في نفس رسالته؟: إن بولس الرسول الذي قال العبارات السابقة في رسالته الثانية إلى تيموثيئوس، قال أيضًا في نفس الرسالة (صادقة هي الكلمة أنه إن كنا قد متنا معه، فسنحيا أيضا معه. إن كنا نصبر، فسنملك أيضًا معه. إن كنا ننكره فهو أيضًا سينكرنا) (2 تى 2: 11، 12). ففي قوله (إن كنا..) دليل على أن الأمر في خلاصنا لا يتوقف على الله فقط، بل علينا نحن أيضًا. إن لله عملًا في خلاص الإنسان كما أن للإنسان عملًا أيضًا. ولو كان الأمر هو عمل الله وحده، لزالت بذلك حرية الإنسان. كما نلاحظ أن عبارة (إن كنا ننكره، فهو أيضًا سينكرنا) دليل على أن الإنسان يمكن أن يفقد خلاصه. 51- الثقة بالدخول إلى الأقداس إن الذين يتحدثون عن ضمان الملكوت يعتمدون على قول ماربولس الرسول (فإذ لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع.. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان، مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير، ومغتسلة أجسادنا بماء نقى) (عب 10: 19 – 21). إن هذا النص يتحدث عن ثقة الدخول ويقين الإيمان، بشروط أساسية. فعبارة (مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير) تدل على ضرورة النقاوة والتوبة (وعبارة (مغتسلة أجسادنا بماء نقى) تدل على ضرورة المعمودية للخلاص. فهل اكتفى القديس بولس بكلامه هذا، وبهذين الشرطين فقط؟ كلا، إننا إن قرأنا باقي كلامه، نرى عكس ما يدعيه هؤلاء الواثقون! يتابع الرسول كلامه فيقول (لنتمسك بإقرار الرجاء راسخًا، لأن الذي وعد هو أمين). ولنلاحظ بعضنا بعضًا للتحريض على المحبة والأعمال الصالحة. St-Takla.org Image: Saint Paul in prison, Coptic icon by Sis. Sawsan صورة: أيقونة القديس بولس الرسول في السجن، رسم تاسوني سوسن - أيقونة قبطية حديثة St-Takla.org Image: Saint Paul in prison, Coptic icon by Sis. Sawsan صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة القديس بولس الرسول في السجن، رسم تاسوني سوسن - أيقونة قبطية حديثة فما لزوم أهمية المحبة والأعمال الصالحة في موضوع الثقة هذا؟ إن القديس بولس يدلل بكلامه على أن الثقة في (الدخول إلى الأقداس بدم يسوع) إنما تعتمد على أعمال الإنسان وسلوكه أيضًا – وإلا تزعزعت هذه الثقة وانهارت انهيارً مريعًا. ولذلك يتابع الرسول كلامه محذرًا ومنذرًا: (فانه إن أخطأنا باختيارنا – بعدما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف، وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين) (عب 10: 26، 27) أين الثقة إذن، مع وجود هذه الدينونة المخيفة، إن أخطأنا؟ ألا يستلزم الأمر إذن غاية الاحتراس والحيطة، والسلوك في مخافة وانسحاق، إن كنا نريد أن نتقدم إلى الأقداس في ثقة. ذلك لأن الرسول الذي تحدث الذي تحدث عن هذه الثقة بدم المسيح، نراه لا ينسى مطلقًا عدل الله. بل يتابع كلامه قائلًا (فإننا نعرف الذي قال لي الانتقام أنا أجازى يقول الرب. وأيضًا الرب يدين شعبه مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي) (عب 10: 30، 31). إن هذا يذكرنا بما نعرفه عن البروتستانت من خطورة استخدامهم للآية الواحدة. كان أجدر بهم في معالجة هذا النص المقدس من أقوال مار بولس الرسول، أن لا يأخذوا الآية الأولى من الأصحاح مكتفين بها، دون أن يتابعوا كلام الرسول حتى نهايته. ليتهم فعلوا ذلك، إذن لرأوه يقول أيضًا في موضوع الثقة: (فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة، لأنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد) (عب 10: 35، 36). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). حقًا (إن الذي وعد هو أمين)، ولكن نوال الموعد يتوقف على صنع مشيئة الله، فإننا بلا شك، فإننا بلا شك لا ننال الموعد، ولا تكون لنا ثقة. (فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة، لأنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد) (عب 10: 35، 36). حقًا (إن الذي وعد هو أمين)، ولكن نوال الموعد يتوقف على صنع مشيئة الله، فإننا بلا شك لا ننال الموعد، ولا تكون لنا ثقة. ما معنى هذا؟ هل معناه أن الله قد رجع في هباته التي هي بلا ندامة (رو 11: 39)؟ كلا، إن هبات الله هي حقًا بلا ندامة، ولكن لها شروطًا. فإذا لم تنل هباته، لا يكون هو الذي رجع هباته، وإنما تكون أنت الذي خالفت الشروط. إن الله أمين في وعده ولكنه قال لنا على فم رسوله بولس (إذا صنعتم مشيئة الله، تنالون لموعد) (عب 10: 36). وواضح أن عمل مشيئة الله يستغرق العمر كله. لذلك قال الرسول (لأنكم تحتاجون إلى الصبر). ومعنى هذا أن نصبر العمر كله في مرضاة الله، حتى ننال موعده.. يظهر من كلام القديس بولس الرسول في هذا الأصحاح إذن أن (الثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع) تحتاج إلى أمور كثيرة: تحتاج إلى قلب صادق، وحياة توبة ونقاوة، وأجساد مغتسلة بماء المعمودية النقي، كما تحتاج إلى التحريض على المحبة والأعمال الصالحة، وإلى صنع مشيئة الله، والصبر على كل ذلك، والاحتراس من فعل الخطيئة، وإلا فان أخطأنا باختيارنا، نتعرض لدينونة مخيفة، ومخيف هو الوقوع في يدي الله الحي. 52- الاجتهاد والصبر لحظة الثقة إن الصبر الذي تحدث عنه بولس الرسول في قوله (فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد) (عب 10،35، 36). يعود فيتحدث عنه مرة أخرى قائلًا: St-Takla.org Image: An Arabic Bible, click to go to the Arabic Bible Search صورة: الكتاب المقدس باللغة العربية، اضغط للدخول لصفحة البحث في الكتاب المقدس St-Takla.org Image: An Arabic Bible, click to go to the Arabic Bible Search صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتاب المقدس باللغة العربية، اضغط للدخول لصفحة البحث في الكتاب المقدس (.. لكننا نشتهى أن كل واحد منكم يظهر هذا الاجتهاد عينه ليقين الرجاء إلى النهاية) (عب 6: 11). إذن فيقين الرجاء يحتاج إلى اجتهاد يظهره الإنسان، حتى النهاية. وإلى ماذا أيضًا؟ يتابع الرسول كلامه فيقول (لكي لا تكونوا متباطئين، بل متمثلين بالذين بالإيمان والأناة يرثون المواعيد) (عب 6: 12). هنا نرى بولس قد أضاف إلى الإيمان شيئًا آخر، هو الأناة أي الصبر، قال بهما ننال المواعيد.. ألم يقل الرب من قبل (بصبركم اقتنوا أنفسكم) (لو 21: 19)؟ وقال أيضًا (من يصبر إلى إلى المنتهى فهذا يخلص) (متى 24: 13). 53- الذي بدأ فيكم عملًا فهو يُكَمِّل St-Takla.org Image: Growing plant, growth صورة في موقع الأنبا تكلا: نبات ينمو، النمو St-Takla.org Image: Growing plant, growth صورة في موقع الأنبا تكلا: نبات ينمو، النمو إن الذين ينادون بالثقة وضمان الملكوت، يعتمدون على قول القديس بولس إلى أهل فيلبي: (واثقًا بهذا عينه، أن الذي ابتدأ فيكم عملًا صالحًا، يكمل إلى يوم يسوع المسيح) (فى 1:6). نعيد ما قلناه سابقا أن الله قادر أن يمل فينا. ولكن ماذا عن موقفنا نحن؟! إن الغلاطين الأغبياء كان الله قد بدأ فيهم عملًا صالحًا ومع ذلك فأن بولس الرسول يقول لهم: (أهكذا أنتم أغبياء، أبعدما ابتدأتم بالروح، تكملون الآن بالجسد) (غل 3: 3). إنهم هنا هم الذين سيكملون بالجسد ولا يتركون له فرصة أن يكمل فيهم عملًا صالحًا. أما من جهة أهل فيلبي، فمع ثقة بولس الرسول، نراه يصلى من أجلهم أن تزداد محبتهم، ويزدادوا في كل فهم، لكي يكونوا (مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح مملوئين من ثمر البر) (فى 1: 9 – 11). 0 فمع أن المسيح قادر أن يكمل، إلا أن عليهم هم عملًا، أن يكونوا بلا عثر حتى النهاية، كما أوصاهم قائلًا (عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح) (فى 1: 27). وقال لهم أنه (قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضًا أن تتألموا لأجله. إذ لكم الجهاد عينه الذي رأيتموه في والآن تسمعون فيَّ) (فى 1: 29، 30). فما معنى هذا كله؟ وما دام الله سيكمل ما بدأه فيهم، فما لزوم كل تلك النصائح: أن يزدادوا في المحبة والفهم، وأن يكونوا بلا عثرة، مملوئين من ثمر البر، وأن يعيشوا كما يحق لإنجيل المسيح، وأن يتألموا لأجله، ويكون لهم نفس جهاد القديس بولس؟! ذلك لأنه كما أن على المسيح جانبًا في خلاصهم، كذلك هم أيضًا عليهم جانب يجب أن يتمموه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). لذلك قال لهم ( تمموا خلاصكم بخوف ورعدة) (فى 2: 12). إن المسيح سوف لا يكمل العمل وحده، وإنما سيكمله بهم وفيهم ومعهم. إن الله لا يأخذ الناس عنوة ويلقيهم في الملكوت، وإنما لا بُد أن يعملوا معه. لذلك نجد أن الرسالة إلى فيلبى هي أكثر يقول فيها بولس الرسول أنه يسعى لكي يدرك (فى 3: 12، 14). وقد شرح لهم بولس في نفس الرسالة مثالًا من أولئك الذين بدأوا ولم يكملوا حسنًا، فكانت نهايتهم الهلاك. وأصبح الرسول يذكرهم باكيًا. وقد طلب منهم بولس الرسول أن يتمثلوا به في سعيه وجهاده ولا يتمثلوا بأولئك الهالكين (فى 3: 17). 57- كلمة ختامية في موضوع الثقة St-Takla.org Image: King Solomon صورة في موقع الأنبا تكلا: النبي سليمان الملك St-Takla.org Image: King Solomon. صورة في موقع الأنبا تكلا: النبي سليمان الملك. ما أجمل قول سليمان الحكيم في هذا المجال (الحكيم يخشى ويحيد عن الشر، والجاهل يتصلف ويثق) (أم 14: 16). لذلك فان معلمنا بولس الرسول ينصح قائلًا (لا تستكبر بل خف) (رو 11: 20). وقد نصح أهل فيلبي قائلًا: (تمموا خلاصكم بخوف ورعدة) (فى 3: 12). ويضم بطرس الرسول صوته إلى هذه النصيحة قائلًا (إن كنتم تدعون أبًا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوف) (1بط 1: 17). ما دامت هناك ثقة، وهناك يقين،وهناك ضمان للملكوت، فما معنى الخوف إذن والرعدة؟! لماذا لا يعتمد الإنسان على وعود الله، ولكننا لا نطمئن من جهة أنفسنا. ولذلك مزج الرسول الحديث عن المواعيد الإلهية بالحديث عن المخافة، فقال (فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء، لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح، مكملين القداسة في خوف الله) (2 كو 7: 1).
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
هذا البحث الذي كتبه نيافة الأنبا شنوده أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية، بحث يمتاز بالوضوح والدقة والشمول، في موضوع من أهم الموضوعات التي تشغل أذهان المؤمنين في كل العصور، لأنه يتصل بقضية (الخلاص) وهى غاية الإيمان، وتاج الرجاء المسيحي..
فيه ترى التعليم الأرثوذكسي القويم، مؤيدا بمنطق سليم واستخدام صحيح للنصوص المقدسة، كاشفًا الأغاليط..
إنني أشهد أن هذا الكتاب القيم أمكن أن يعالج موضوع (الخلاص) لأول مرة معالجة وافية، تكفي لن تعطي صورة مشرفة صادقة لتعليم كنيستنا الأرثوذكسية في مشكلة الخلاص.
نيافة الأنبا غريغوريوس
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
علينا أن نجمع كل ما يواجه أبناءنا خارج الكنيسة، من أفكار وتيارات وحروب وشكوك ونقدم لهم ردودًا..
وتكون هذه أيضا مسئولية كنائسنا ومجلاتنا ومفكرينا، بل تكون هذه أيضا مسئولية كلياتنا الإكليريكية .
هذا الجيل الذي نعيش فيه، يحتاج إلى اهتمام خاص بالإيمان. ويكفى كبرهان نظرة واحدة إلى المكتبات والمطبوعات.
وهو جيل لا تصلح له السطحية في التعليم، وإنما يجب إعداد المعلمين بعمق خاص في الفهم والمعرفة والدراسة.
وينبغي أن تكون للخدام دراسات مستمرة تنشط معلوماتهم، وتجعلها مناسبة لجيلهم .
كل عصر له أفكاره، وله الدراسات التي تناسبه.
ولا يجوز أن يعيش الخدام في غير جيلهم، لا يشعرون بالحروب التي يتعرض لها أبناؤهم، بالشكوك الفكرية التي تهاجهم.
وما أجمل قول الرسول : ( كونوا مستعدين في كل في كل حين، لإجابة كل من يسألكم، عن سر الرجاء فيكم )
خدمات الموجة القبطية
خدمات الموجة القبطية