شروط استحقاق الدم : الأيمان
شروط استحقاق الدم : الأيمان
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
شرط الإيمان
والإيمان شرط أساسي لاستحقاق دم المسيح. وهكذا قال السيد المسيح عن نفسه: (.. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية) (يو 3: 16).
وتظهر أهمية هذا الشرط لاستحقاق دم المسيح، من قول الكتاب في نفس الإصحاح من فم السيد المسيح نفسه: (الذي يؤمن به لا يدان. والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد) (يو 3: 18).
ويظهر هذا الشرط أيضًا من قول يوحنا الرسول في خاتمة إنجيله: (.. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح هو ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه) (يو 20: 31). هناك شرط إذن وهو أن الخلاص يكون لكم إذا آمنتم.
وبهذا وعظ بولس الرسول في أنطاكية قائلًا: (.. إنه بهذا ينادي لكم بغفران الخطايا. وبهذا يتبرر كل من يؤمن..) (أع 13: 38، 39).
وقد وضح ربنا يسوع المسيح أنه بدون شرط الإيمان هذا لا يمكن أن يكون خلاص بقوله لليهود: (إن لم تؤمنوا إني أنا هو تموتون في خطاياكم) (يو 8: 24).
ما أخطر هذه العبارة (تموتون في خطاياكم) ! دم المسيح موجود، قادر أن يخلص. ولكنه لا يمكن أن يخلصك بدونك.
يجب أن تقدم شرط الإيمان، لكي تخلص بدم المسيح. إنه الشرط الأول، ولكنه ليس الشرط الوحيد. إنه الخطوة التي تؤهلك للمعمودية.
شرط الإيمان هذا ورد في قول بولس وسيلا لحافظ السجن (آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك) (أع 16: 31).
ما هو الإيمان؟
إن كلمة الإيمان كلمة واسعة جدًا جدًا، تدخل فيها أمور كثيرة. وإن كان بولس الرسول قد قال أننا (قد تبررنا بالإيمان) (رو 5: 11) فماذا يقصد بهذا الإيمان قد تبررنا به؟
لذلك يضع بولس الرسول أمامنا سؤالا خطيرًا جدًا في موضوع الإيمان. إذ يقول (جربوا أنفسكم، هل أنتم في الإيمان..؟ امتحنوا أنفسكم) (2 كو 13: 5) إذن لا بُد أن نختبر أنفسنا ونرى هل نحن حقًا في الإيمان أم لا. ما هو هذا الإيمان..؟
إيمان حي..
إن الإيمان اللازم للخلاص لا بُد أن يكون إيمانًا حيًا. وهذا الأمر وضحه على أكمل وجه معلمنا يعقوب الرسول إذ قال: (إن الإيمان بدون أعمال ميت) (يع 2: 20) وكرر هذا المعنى قائلًا: (لأنه كما أن الجسد بدون الروح ميت، هكذا الإيمان بدون أعمال ميت) (يع 2: 26).
ومثل هذا الإيمان الميت، أي الخالي من الأعمال، لا يقدر أن يخلص أحدًا. وهكذا يقول معلمنا يعقوب الرسول: (ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد أن له إيمانا ولكن ليس له أعمال؟! هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14).
حقًا أن الرسول قد قال إننا قد تبررنا بالإيمان. ولكن هذا الإيمان له صفتان هامتان. إيمان حي وإيمان عامل. وفى هاتين الصفتين كلتيهما نرى الأعمال الصالحة.
ولا نظن أحدًا من البروتستانت -مهما أنكر الأعمال- يستطيع في أمر الخلاص أن يعلم بالإيمان غير العامل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). فالرسول يقول: (أن الشياطين يؤمنون ويقشعرون) (يع 2: 19).
فهل تقصد بالإيمان أيها الأخ إيمانًا من نوع إيمان الشياطين الذين ليست لهم أعمال صالحة، وإنما هم يؤمنون، ويقشعرون من هول شرورهم وفسادهم؟!!
إن عبارة الحي العامل قد تتسع في مداها حتى تشمل الحياة الروحية كلها. كيف يمكن أن تشمل الحياة الروحية كلها..؟ أميلوا آذانكم أيها الإخوة الأحباء إلى قول الرسول:
الإيمان العامل بالمحبة..
قال بولس الرسول: (لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة) (غل 5: 6) فماذا تعنى صفة (العامل بالمحبة) ما هي هذه المحبة، وكيف تكون؟
إن هذه المحبة شرحها بولس الرسول، مستدلًا عليها بجمهرة من الأعمال الصالحة، إذ قال: (المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحقد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء) (1 كو 13: 4-7).
فإذا كان الإيمان هو هذا الإيمان العامل بالمحبة، فانه سيشمل ولا شك هذه هذه الصفات كلها، وكلها أعمال. هنا تبدو المسيحية في جوهرها، أنها ليست مجرد آية، وإنما هي روح وحياة (يو 6: 63) حقًا كما قال الكتاب أن الحرف يقتل ولكن الروح يحيى.. الحرف يقول لك أن هناك شيئا اسمه الإيمان. وأما الروح فيشرح لك كنه الإيمان وانه يشمل الأعمال الصالحة كلها.
فهل إخوتنا المعارضون يقصدون الإيمان بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الحياة الروحية كلها. الذي أشار إليه بولس الرسول في الأصحاح الحادي عشر من الرسالة إلى العبرانيين عند حديثه عن رجال الإيمان..؟ أم هم يقصدون مجرد الإيمان خلوا من صفاته السابق ذكرها!؟
إن كان الأمر هكذا فلنتناقش، لكي ما نرى هل يقدر هذا الإيمان أن يخلصهم حسبما تعجب يعقوب الرسول.
الإيمان والمحبة
إن الذين يقولون أن الإيمان وحده هو الذي يبرر الإنسان، ويوقفون الإيمان كعنصر قائم بذاته بعيدًا عن الأعمال، هؤلاء لا أوقفهم أنا، بل يوقفهم بولس الرسول أمام آية جبارة هي قوله: (إن كان لي الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لي محبة فلست شيئًا) (1 كو 13: 2).. فهل تريدون إيمانا أكثر من هذا..؟
وأنت أيها الأخ، مهما ارتفعت في الإيمان، ما هي أقصى درجة ستصل إليها..؟ هل ستصل إلى كل الإيمان الذي ينقل الجبال..؟ صدقني، حتى لو وصلت إلى هذه الدرجة أيضًا، وليست لك محبة، فلست شيئًا! لا يستطيع هذا الإيمان أن يخلصك أنت..! إن كان بولس الرسول بكل إيمانه ليس شيئًا بدون المحبة، فكم بالأولى أنت.
r>
لهذا فان الرسول وضع المحبة في درجة أعظم من الإيمان. إذ قال: (أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة وأعظمهن المحبة) (1كو 13: 13).
المؤمنون و المُختارون
قلنا إن الإيمان ينبغي أن يكون إيمانًا حيًا وإيمانًا عاملًا بالمحبة ولكن البعض يبالغ أحيانًا في تعريف كلمة المؤمنين، حتى ترادف كلمة (المختارين).
وهكذا ينادى أمثال هؤلاء بأن المؤمن لا يمكن أن يهلك، وإذا سمعوا أو قرأوا عن مؤمن قد هلك يقولون أن هذا لم يكن مؤمنًا حسب مفهموهم الخاص!! لا شك أن المختارين لا يمكن أن يهلكوا. ولكن مَنْ قال أن المؤمنين هم المختارين؟!
إن الكتاب المقدس أعطانا معاني كثيرة لكلمة الإيمان: فذكر مرة: الشياطين يؤمنون ويقشعرون (يع 2: 19 ). وقال بولس الرسول في تعريفه للإيمان أنه هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى (عب 11: 1).
وقد شرح لنا الكتاب أن هناك نوعا من الإيمان الميت. ومع انه ميت إلا أن الرسول سماء إيمانًا. كما أعطانا مثلًا عن الإيمان الخالي من الأعمال الذي لا يقدر أن يخلص أحدًا، ألا أن الرسول سماء إيمانًا.
وقد ذكر الكتاب أن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله (رو 3: 12) فهل الجميع لم يكونوا مؤمنين، وقد خلت الأرض من الإيمان؟! أم أن الله أطلق لقب الإيمان حتى على الذين يخطئون وهم مؤمنون.
إن أمثال هؤلاء الخطاة لم يحرمهم الرب من لقب المؤمنين. فقد قال الرب على لسان أرميا النبي (شعبي عمل شرّين: تركوني أنا ينبوع المياه الحية، لينقروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا مشققة لا تضبط ماءًا.. شعبي قد نسيني أيامًا بلا عدد) (أر 2: 13، 22) ومع كل هذا سماهم شعبه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). كما قال على لسان إشعياء النبي: (ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على) (أش 1: 2) فعلى الرغم من عصيانهم سماهم بنين. ويذكرنا هذا بما قاله عن الابن الضال (ابني هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فوجد) (لو 15: 24). فعلى الرغم من ضلاله وموته الروحي سماه ابنًا.
وفي قول الرسول (وان كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال وليست لي محبة فلست شيئًا) (1 كو 13: 2) دليل آخر على إطلاق حالة الإيمان على الإنسان الخالي من المحبة الذي هو ليس شيئًا.
بل إن الرب أطلق لقب المؤمنين على الذين يشبهون البذار التي سقطت على الصخر ولما نبتت جفت. فقال: (والذين على الصخر هم الذين على الصخر ولما نبتت جفت. فقال: (والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل، فيؤمنون إلى حين، وفى وقت التجربة يرتدون) (لو 8: 6، 13).
وطبعا هؤلاء المرتدين لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أن السيد المسيح له المجد فيهم بأنهم كانوا مؤمنين إلى حين. ويشبه هؤلاء طبعًا الذين قال عنهم الرسول: (ولكن الروح يقول صريحًا أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين) (1تى 4: 1). وطبعًا هؤلاء لا يمكن أن نسميهم مختارين مع أنهم عاشوا في الإيمان قبل أن يرتدوا.
لعله قد وضح الآن كثيرًا بأن هناك فرقا بين الكلمتين. إن كل المختارين مؤمنون ولكن ليس كل المؤمنين مختارين، إذ قد يرتد بعضهم عن الإيمان تابعين أرواحًا مضلة وتعاليم شياطين.
على أن هذه النقطة أيها الأحباء لنا رجعة إليها بعد حين، نتركها الآن قليلًا لكي نتحدث عن الشرط الثاني للخلاص والمدخل الأساسي له وهو المعمودية.
الخلاص فى المفهوم الأرثوذكسى
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
هذا البحث الذي كتبه نيافة الأنبا شنوده أسقف المعاهد الدينية والتربية الكنسية، بحث يمتاز بالوضوح والدقة والشمول، في موضوع من أهم الموضوعات التي تشغل أذهان المؤمنين في كل العصور، لأنه يتصل بقضية (الخلاص) وهى غاية الإيمان، وتاج الرجاء المسيحي..
فيه ترى التعليم الأرثوذكسي القويم، مؤيدا بمنطق سليم واستخدام صحيح للنصوص المقدسة، كاشفًا الأغاليط..
إنني أشهد أن هذا الكتاب القيم أمكن أن يعالج موضوع (الخلاص) لأول مرة معالجة وافية، تكفي لن تعطي صورة مشرفة صادقة لتعليم كنيستنا الأرثوذكسية في مشكلة الخلاص.
نيافة الأنبا غريغوريوس
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
عقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
علينا أن نجمع كل ما يواجه أبناءنا خارج الكنيسة، من أفكار وتيارات وحروب وشكوك ونقدم لهم ردودًا..
وتكون هذه أيضا مسئولية كنائسنا ومجلاتنا ومفكرينا، بل تكون هذه أيضا مسئولية كلياتنا الإكليريكية .
هذا الجيل الذي نعيش فيه، يحتاج إلى اهتمام خاص بالإيمان. ويكفى كبرهان نظرة واحدة إلى المكتبات والمطبوعات.
وهو جيل لا تصلح له السطحية في التعليم، وإنما يجب إعداد المعلمين بعمق خاص في الفهم والمعرفة والدراسة.
وينبغي أن تكون للخدام دراسات مستمرة تنشط معلوماتهم، وتجعلها مناسبة لجيلهم .
كل عصر له أفكاره، وله الدراسات التي تناسبه.
ولا يجوز أن يعيش الخدام في غير جيلهم، لا يشعرون بالحروب التي يتعرض لها أبناؤهم، بالشكوك الفكرية التي تهاجهم.
وما أجمل قول الرسول : ( كونوا مستعدين في كل في كل حين، لإجابة كل من يسألكم، عن سر الرجاء فيكم )
خدمات الموجة القبطية
خدمات الموجة القبطية