أثناسيوس : اسم يونانى معناه خالد أوغير مائت . وهو القديس العظيم أثناسيوس حامى الإيمان الأرثوذكسى ، وأعظم بطل رفع لواء الأرثوذكسية .. الذى قال عنه القديس ايرونيموس ( جيروم ) : [ لولا أثناسيوس لأصبح العالم كله أريوسيا ] . وقد ولد القديس من أبوين غير مسيحيين ، وبعد وفاة والده أخذته أمه إلى البابا ألكسندروس البابا التاسع عشر ، فتعهده بالرعاية ، وبعد ذلك رسمه شماسا خاصا له ، وكان أثناسيوس شغوفا بقراءة الكتب المقدسة وكتب الآباء ، محبا للحياة الروحية ، والعشرة مع الله . حتى انه ذهب إلى البرية وقضى فيها ثلاث سنوات عاش خلالها مع القديس الأنبا انطونيوس الكبير ، وتتلمذ على يديه وظل هناك حتى ظهرت بدعة أريوس والتى دبرت العناية الإلهية هذا المارد العظيم ليقف أمامها وأمام صاحبها . فقد اصطحبه البابا ألكسندروس إلى المجمع الذى عقد فى نيقية للرد على هذه البدعة ، ووقف أثناسيوس وسط جميع الأساقفة كهرم كبير يناقش أريوس حتى سحقه .. وفند كل آرائه ، لذلك أحبه الشعب وكان من الطبيعى بعد نياحة البابا ألكسندروس أن يتجه الجميع إليه فى اتفاق عجيب .. .. بعد أن رشحه البابا السابق للبطريركية . وكان أثناسيوس قد هرب إلى الصحراء ولجأ إلى معلمه القديس أنطونيوس فذهبوا إليه وأخذوه ورسموه بطريركا عليهم وسط تهليل عظيم وقال عنه المؤرخ سقراط : ( ان فصاحة أثناسيوس فى نيقية جرت عليه كل البلايا التى صادفها فى حياته ) . وقد لقى القديس أثناسيوس خلال فترة رياسته اضطهادات كثيرة من الأباطرة والأريوسيين .. حتى أنه نفى عن كرسيه خمس مرات .. القديس أثناسيوس والقديس أنطونيوس : كان القديس انطونيوس قائدا خفيا لتلميذه ( أثناسيوس ) الذى عاش أغلب حياته فى سلسلة لا تنقطع من الصراع ، لم يعرف فترات السلام الخارجى فى خدمته إلا القليل النادر ، وجاءت رسائله الفصحية السنوية تكشف لا عن نفس مرة من أجل مقاومة الكثيرين والمستمرة له ، بل عن اعتزاز حى بالجهاد المستمر مع رجاء صادق فى التمتع بنصرات لا تنقطع . قيل له : " العالم كله ضدك يا أثناسيوس ! " وكانت إجابته التلقائية النابعة من خبراته اليومية ، " وأنا ضد العالم " . لم يكن هذا عن كبرياء أو تشامخ ، وإنما عن يقين فى إمكانيات الله العاملة فيه . آمن القديس أثناسيوس أنه مختفى فى المسيح ، وما يمارسه إنما باسم المسيح ولحسابه ، يعمل عمل المسيح ، لهذا لم يدخل اليأس قط إلى قلبه ، ولم يحمل روح الفشل بل روح الغلبة والنصرة . دبرت مؤمرات كثيرة ضده ، لكنه آمن بذاك الذى ينقذ العصفور من فخ الصيادين ، فى يقين بروح الغلبة بلا خوف ، إذ خطط الأريوسيون لتحطيمه .. انطلق إلى القسطنطينية ، وفى شجاعة انطلق إلى حيث مركبة الأمبراطور وأمسك بلجام الفرس ، ارتبك الكل قائلين : " من هو هذا المتجاسر ليوقف المركبة الأمبراطورية ؟ " وإذ عرف قسطنطين شخصه أعجب بشجاعته ودعاه ليجلس معه فى المركبة ويتحقق مما جاء من أجله . لقد قضى أغلب حياته فى ضيق خارجى دون أن يفقد سلامه وإيمانه بنواله روح النصرة . لقد دامت رئاسته 46 عاما ، قضى منها 17 عاما فى النفى : ( أ ) فى عهد قسطنطين ( 335 – 337 م ) فى تريف . ( ب ) فى عهد قسطنطيوس ( 339 – 346 م ) حيث زار روما . ( جـ) فى عهد قسطنطيوس ( 356 – 362 م ) حيث عاش فى برارى مصر . ( د ) فى عهد يوليانوس ( 362 – 363 م ) حيث عاش فى برارى مصر . ( هـ ) فى عهد فالنس ( 365 – 366 م ) حيث عاش فى برارى مصر . اتهم فى مجمع صور عام 335 م بقتل الأسقف الميلاتى أرسانيوس ، وهتكه بتولية عذراء ، وتحطيم كأس الأفخارستيا الذى كان يستخدمه أسخيراس وظهر بطلان كل هذه الأتهامات . وقد اعطت الكنيسة للبابا أثناسيوس لقب الرسولى تقديرا لجهاده فى سبيل الإيمان مشابها الرسل فى أتعابهم وضيقاتهم أثناء الكرازة ، وقد أثرى الكنيسة بتعاليمه اللاهوتية والروحية فقد كان قديسا ومعلما ولاهوتيا لا يقارن ... فصارت كتاباته دستورا وقدوة وتعليما ومنهجا ناطقا حتى الآن .. وأكمل سعيه بسلام .. ثم أسلم روحه الطاهرة فى يد مخلصه الذى أحبه . وقد أحضر قداسة البابا شنودة الثالث رفات القديس عام 1973 وتوجد الآن فى مقر الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس بالقاهرة . وتعيد الكنيسة فى 7 بشنس بتذكار نياحته . وتذكره يوميا فى مجمع القداس الإلهى وتحليل الخدام وفى التسبحة اليومية . بركة صلاته فلتكن معنا آمين