إلى من ينتقد التقليد الكنسي
إلى من ينتقد التقليد الكنسي
الصخرة الأرثوذكسية
إلى من ينتقد التقليد الكنسي
مفهوم التقليد: هذه الكلمة في الإنجليزية تأتي بمعني"Tradition" وباليونانية Paradises (بارادوسيس) والمعني المباشر والحرفي هو التسليم من يد ليد، والاصطلاح الكنسي يعني تسليم التعليم من الرسل إلى الكنيسة، وتسليم الإيمان والأمور التنظيمية والترتيبات الكنسية الخاصة بالعبادة الجماعية وخلاص المؤمنين، ومنهم إلينا بما يحقق لنا الخلاص والاتحاد بالمسيح.
واللفظ العربي لكلمة تقليد مشتق من القلادة وهذه الكلمة تقال عند تسليم شخص شيء أو وظيفة فنقول "فلان تقلد وظيفته أو تقلد سيفه".
ويوجد خلط في أذهان البعض بين التقليد والمحاكاة Imitation"" فالتقليد ليس معناه محاكاة شخص أو شيء، ولكنه يعني أن شخصاً يسلم شخصاً وهذا هو فكر الكنيسة للخلاص.
التقليد إيماني : وهذا لم ولن يتغير عبر الزمان أو يتطور مع فكر البشر، وهذا ما أوصاهم به الرب يسوع حيث قال: "أذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " (مر 16: 15)
وحين قال أيضاً : "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر "(مت 28: 19)
ولاحظ معي عزيزي انه يرسلهم إلى جميع الأمم بفكر واحد، قد أوصاهم وعلمهم به وطلب منهم أن يسلموه ويعلموه إلى جميع الأمم وهو معنا كل الأيام، وهذا يعني أنه يحفظ هذه التعاليم التي أودعت للكنيسة من إيمان لاهوتي أو حياة كنسية، وأسرار خلاصية.
ويقول روفينُس الأكيلاوي تقريباً في سنة 400 م الآتي: "يروي لنا أجدادنا أن الروح القدس بعد صعود السيد لما استقر على كل واحد من الرسل بهيئة ألسنة من نار لكي يفهمهم بكل اللغات. تلقوا أمراً من السيد بأن يتفرقوا ويذهبوا إلى الأمم جميعاً ليبشروا بكلمة اللـه. وقبل وأن يغادروا وضعوا معاً قاعدة للبشارة التي ينبغي عليهم أن يعلنوها حتى إذا ما تفرقوا لا يكون عليهم خطر أن يعلموا تعليماً مختلفاً للذين يجذبونهم إلى الإيمان بالمسيح. فإذ كانوا كلهم مجتمعين وممتلئين من الروح القدس كتبوا هذا المختصر الوجيز لبشارتهم المستقبلية مشتركين بما كان لكل واحد من عقيدة واحدة ومقرين بأن هذه القاعدة هي التي ينبغي أن يسلموها للمؤمنين ولأسباب متنوعة ومحقة أرادوا أن تُسمي هذه القاعدة قانوناً".
ويقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني، في الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع" (2تي 1: 13)
إذن التقليد مع الكتاب المقدس هو الإيمان المسيحي فلا يمكن أن نتنازل عن تقليدنا الكنسي الأرثوذكسي تحت أي مسمي ولأجل أي شخص فالتقليد له أهمية قصوى للآتي:
1. بالتقليد نستطيع أن نعرف كتابنا المقدس ونؤكد صحته حينما يتطاول عليه البعض وذلك من كتابات الآباء وما استلمته الكنيسة من عصر لعصر من خلال مخطوطات القرون الأولي حتى الآباء المعاصرين. وبذلك نستطيع أن نضمن وحدة الإيمان وعدم التفريط في أي صورة من صور الكنيسة المسلمة لنا.
2. التقليد هو الذي صاغ الأمور الإيمانية والمفاهيم اللاهوتية، ولم يترك أحد يصيغ بفكره ويضيف على الإيمان المسلم من الرسل. بل ينكشف في ظل الصياغات الآبائية للإيمان. وهذا ظهر عندما تمسك البابا أثناسيوس أمام آريوس في حواره اللاهوتي بصياغات مستلمة من الرسل، إذ كان يريد أن يقول آريوس عن المسيح أنه مشابه للأب وليس مساوي، وهذا يعني أنهما كيانين مختلفين. ولو لم يحفظ لنا التقليد هذا لتشوه الإيمان المسلم لنا، لذلك تمسك البابا أثناسيوس بلفظ مساوي وليس مشابه.
3. بالتقليد تحفظ وحدة الكنيسة في صورة الجسد الواحد، العابد بطقس واحد ونظام واحد، وتحفظ وحدة الفكر والإيمان، ووحدة الصورة التي رسمها لنا السيد المسيح. فالتقليد هو الذي جعلنا نصلي قداساً واحداً وفي ساعات معينة ونصوم معاً ونعيش معاً في كنيسة واحدة.
4. بالتقليد حفظت لنا الكنيسة التعليم من التغير في ظل ظروف المجتمع، واستطاعت الكنيسة من خلال تمسكها بالتقليد وتعليم الآباء أن تواجه تيارات العصر التي تحاول أن تشق الكنيسة، وهو الذي حفظ الكنيسة ضد الأفكار الغريبة عن روح الكنيسة مثل زواج المثليين والشواذ أو كهنوت المرأة التي قبلتها الجماعات المسيحية التي لم تتمسك بالتقليد. فالذي يحتمي في الكنيسة يبقي خارج طوفان العالم المدمر.
يا أحبائي ... إن استمرار عمل الروح القدس هو الذي يضمن تنقية تعاليم الكنيسة، ولكن هل يعقل أن يكون عمل الروح القدس متناقض مع فكر الكنيسة الأولي المسلم لنا من الرسل...؟ إن استمرار قيادة روح اللـه لنا هو الذي يوحد التعاليم عبر الزمان. إذ يكشف لنا الأخطاء، ويحفظ لنا الإيمان، ويوحدنا عبر الزمان والمكان. فلا نجد أي شيء في التقليد يتنافى مع الكتاب المقدس أو تعاليم الرسل، ولعل أحد يعترض علي وضع الطقوس والأصوام لأنها من صنع بشر مثلنا ويقول لماذا تضاف إلى التقليد.
فنقول لهم ... لقد حدد اللـه في العهد القديم الأعياد التي يعيد فيها اليهود وكل الصور الطقسية، ولكن مع هذا أيضاً أضاف اليهود أعياد جديدة كانت تمثل لهم احتفالات ومناسبات عاشوها مع اللـه مثل عيد الفوريم (أستير 9: 26-32)، وعيد التجديد (مكابين الأول 4: 52 – 59).
والآن يا عزيزي... أتري أنهم أخطئوا في هذا...؟ فما رأيك أن السيد المسيح أحتفل مع اليهود في هذه الأعياد (يو 10: 22) أي أنه لم ينقضها أو يرفضها.
ويقول القديس أوغسطينوس: "بالروح القدس تتطهر النفس وتقتات. هذا هو روح اللـه الذي لا يمكن أن يكون للهراطقة والمنشقين عن الكنيسة. كذلك بالنسبة للذين لم ينفصلوا عنها علانية لكنهم انفصلوا عنها بعصيانهم لها هؤلاء صاروا قشاً لا قمحاً رغم وجودهم فيها" أفهمت يا عزيزي قول القديس أوغسطينوس فالذين يعصون الكنيسة وهم بداخلها يكونون مثل الهراطقة الذين انفصلوا عنها ولا يمكن للروح القدس أن يعمل فيهم.
فإذا تركنا الكنيسة بلا تسليم ستكون ستتحول الكنيسة إلى مؤسسة شخصية فردية، إذ يفسر كل واحد الإنجيل حسب ما يري، ويخترع طرقاً للحياة مع اللـه حسب ما يريد. وينفصل عن الكنيسة أشخاص يختلفون معها ويصيروا طوائف. هذا ما نراه في الكنيسة التي لا تؤمن بالتقليد إنها انشقت إلى 3600 طائفة أخرهم لا يؤمنون بلاهوت السيد المسيح وينادون بتعاليم مضللة هم شهود يهوه.
أحبائي... أريد أن أختم بشهادة للبابا أثناسيوس عن العظيم الأنبا أنطونيوس الذي كان يحترم الكنيسة وقوانينها، بالرغم من درجته العظيمة في القداسة. ولكن كلما ارتفع الإنسان في حياته الروحية كلما زاد اتحاده بالكنيسة ومن ينفصل عنها لا يمكن أن يجد حياة حقيقية، فيقول البابا أثناسيوس عن الأنبا أنطونيوس: "مع أنه وصل إلى هذه الدرجة من السمو فقد حافظ علي قانون الكنيسة بكل تدقيق وكان يميل أن يكرم كل الأكليروس أكثر منه لأنه لم يخجل من أن يحني رأسه أمام الأساقفة والقسوس. وحتى أن جاءه شماس لطلب المساعدة كان يناقش معه فيما هو ينفع ويترك له المجال ليصلي. ولم يخجل من أن يتعلم هو نفسه، لأنه كثيراً ما سأل أسئلته، ورغب أن يصغي لأولئك الذين كانوا معه وإن قال أحداً قولاً نافعاً كان يعترف بأنه قد استفاد".
يا أحبائي ... ما أروع كنيستنا التي تُثبت عيونها علي السيد المسيح ملتحفة بفكر الرسل وتعاليمهم. ولم تحد في رحلتها عبر الزمان والتاريخ عن الخط المرسوم المستقيم الأرثوذكسي، فتمسك بكنيستك لتصير أنت فيها عضواً ممتداً إلى الأبدية. وسنرد على الكتاب المنشور ضد التقليد إنشا للـه.
+++++++++++++++++++++++++
العقيدة الأرثوذكسية
مقالات عن العقيدة الارثوذكسية
"ها أنا آتي سريعًا. تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك"
( رؤ3: 11)
هذه الوصية ترن عاليًا في أذان كنيستنا القبطية..
إننا حريصون كل الحرص على الإكليل المُعد لكلٍ منا في الأبدية..
لذلك تحافظ كنيستنا المجيدة على ( ما عندها) من إيمان، وصلاة، وتسبيح، وجهاد روحي عميق ..
لننال أكاليل النعمة غير المغلوبة في اليوم الأخير
خدمات الموجة القبطية
خدمات الموجة القبطية