تتسم الكنيسة المسيحية بعلامات ومواصفات هامة، تنفرد بها عن أى كيان آخر، سواء فى الأرض أو السماء
وهذه السمات نسمعها على فم الشماس - في القداس الإلهي - حينما ينادى قائلاً:
"صلوا من أجل سلامة الواحدة، الوحيدة، المقدسة، الجامعة ،الرسولية، كنيسة الله، الأرثوذكسية
1- الواحدة :
فليس هناك سوى كنيسة واحدة (بالعدد)، سواء، منذ الأزل فى فكر الله، أو خلال المسار البشرى كله، أو حتى فى الخلود...
فجسد المسيح واحد... وعروس المسيح واحدة.
2- الوحيدة :
بمعنى "الفريدة فى نوعها"، فليس هناك كيان آخر مشابه لها، فهى الكيان المقدس، الذى فيه يجتمع الرب مع الناس،
والزمن مع الأبدية، والأرض مع السماء، والشعب مع الشعوب.
3- المقدسة :
إذ أن روح الله القدوس هو سر قداسة أعضائها فهو الذى يدشن كل عضو فى هذا الجسد، ويسكن فيه، جاعلاً منه هيكلاً مقدساً
ومخصصاً للرب، لهذا تتسم الكنيسة بقداسة الكيان والفكر والوجدان والسلوك... وتصير ضميراً حياً للعالم فى كل مكان وزمان.
4- الجامعة :
فإن كان العهد القديم قد ركز على شعب واحد هو بنى إسرائيل، إلا أن العهد الجديد اتسع ليشمل العالم كله، من كل الأمم،
والشعوب، والقبائل، والألسنة. لأنه "هكذا أحب الله العالم..." (يو16:3)، وهو يريد أن "الجميع يخلصون، وإلى معرفة الحق
يقبلون" (1تى 4:2).
5- الرسولية :
فالكنيسة مبنية "على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه، حجر الزاوية" (أف 20:2).
الكنيسة امتداد للآباء الرسل، سواء من جهة حياتهم الشخصية، أو إيمانهم أو تعاليمهم أو كرازتهم.. لهذا يسام الآباء الأساقفة
بعد قراءة سفر أعمال الرسل (الأبركسيس)... علامة امتداد للحياة الرسولية فى الكنيسة.
6- كنيسة الله :
فالكنيسة ليست ملكاً لأحد، ولا حتى لنفسها، بل هى ملك خالص لله، الذى أحبها، وافتداها بدمه، واقتناها عروساً مطهرة
لشخصه... "خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2كو 2:11)، لهذا تهتف العروس فى النشيد قائلة: "أنا لحبيبى،
وحبيبى لى" (نش 3:6).
7- الأرثوذكسية :
فالكنيسة مستقيمة الرأى والمعتقد والفكر (أرثو = مستقيم)، كما أن حياتها تمجيد الله فى الزمن والأبدية، بفكر مستقيم، وحياة
أمينة. فلا انفصام بين العقيدة والحياة، ولا بين العقل والقلب والسلوك اليومى.
تعالوا أيها الأحباء..
نقترب فى خشوع وإتضاع... لنتعرف على هذه السمات المقدسة، للكنيسة المقدسة!!
الكنيسة جسد المسيح :
"خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2كو 2:11)، ليس فى الكون سوى كنيسة واحدة كنيسة المسيح !!
والسبب ببساطة: أن الكنيسة هى :
1- جسد المسيح. 2- عروس المسيح. 3- قصد المسيح.
الكنيسة هى جسد المسيح، والمسيح هو رأسها!! بهذه العبارة البسيطة، ندخل إلى أعماق لا تنتهى، حينما نتأمل جسد الرب
المقدس، ورأس هذا الجسد.
ولكى يوضح الرسول بولس أبعاد هذه الحقيقة، كتب لنا رسالتين هما :
1- الرسالة إلى أفسس: وتركز على أعضاء الجسد المقدس.
2- الرسالة إلى كولوسى: وتركز على رأس الجسد المسيح.
فى رسالة أفسس:
نقرأ ما يلى :
"لتدبير ملء الأزمنة، ليجمع كل شئ فى المسيح، ما فى السموات وما على الأرض، فى ذاك الذى فيه أيضاً نلنا نصيباً، معينين
سابقاً، حسب قصد الذى يعمل كل شئ، حسب رأى مشيئته" (أف 10:1).
"إياه جعل رأساً فوق كل شئ، للكنيسة، التى هى جسده، ملء الذى يملأ الكل فى الكل" (أف 22:1،2).
"وأقامنا معه، وأجلسنا، معه فى السماويات، فى المسيح يسوع" (أف 6:2).
"لكى يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين، بواسطة الكنيسة، بحكمة الله المتنوعة وقصد شركة السر المكتوم منذ الدهور،
فى الله خالق الجميع بيسوع المسيح" (أف 8:3-10).
"جسد واحد، وروح واحد، كما دعيتم أيضاً فى رجاء دعوتكم الواحد، رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة، إله وأب واحد
للكل، الذى على الكل، وبالكل، وفى كلكم" (أف 4:4-6).
"أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين، لأجل تكميل القديسين، لعمل
الخدمة لبنيان جسد المسيح" (أف 11:4،12).
"صادقين فى المحبة، ننمو فى كل شئ إلى ذاك، الذى هو الرأس، المسيح، الذى منه كل الجسد، مركباً معاً، ومقترناً بمؤازرة
كل مفصل، حسب عمل على قياس كل جزء، يحصل نمو الجسد، لبنيانه فى المحبة" (أف 15:4،16).
"الرجل هو رأس المرأة، كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد" (أف 23:5).
"لأننا أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه" (أف 30:5).
وفى رسالة كولوسى:
نقرأ ما يلى :
"الإنجيل الذى سمعتموه، المكروز به فى كل الخليقة التى تحت السماء، الذى صرت أنا بولس خادماً له، الذى الآن أفرح فى
آلامى لأجلكم، وأكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى، لأجل جسده الذى هو الكنيسة" (كو 23:1،24).
"الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" (كو 9:2).
"أنتم مملوءين فيه، الذى هو رأس كل رياسة وسلطان" (كو 10:2).
"أن كنتم قد قمتم مع المسيح، فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض،
لأنكم قد متم، وحياتكم مستترة مع المسيح فى الله، متى أظهر المسيح حياتنا، فحينئذ تظهرون أنتم أيضاً معه فى المجد"
(كو 1:3-4).
واضح من الآيات السابقة الحقائق التالية:
1- أن هناك جسد واحد للمسيح.
2- أن المسيح له المجد هو رأس هذا الجسد.
3- أن هذا قصد الله منذ الأزل.
4- أن الصليب هو خلاص اليهود والأمم.
5- أن الصليب هو الذى وحد الجميع معاً.
6- أن الفادى هو الذى صالح السمائيين مع الأرضيين.
7- أن الرب يسوع الإله المتجسد - هو الفادى غير المحدود.
8- وأنه سيسكن فينا، فنعيش مجداً فى الزمن والأبدية.
9- وأننا كأعضاء فى جسده لنا وظيفتنا وخدمتنا ودورنا فى بنيان الجسد كله.
10- وأن نهايتنا السعيدة هى الخلود الأبدى فى الرب.
وواضح من الآيات أيضاً أن الرسول يتحدث فى الرسالتين عن "الكنيسة جسد المسيح"، ولكنه فى الرسالة إلى أفسس يركز
على "الأعضاء"، وفى الرسالة إلى كولوسى يركز على "الرأس" أى السيد المسيح له المجد.
نعم.. هو مسيح واحد. جسد واحد. كنيسة واحدة.