https://copticwave.org Coptic Wave Orthodox Church موقع الموجة القبطية

اليوم الخامس ( الجمعة ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

اليوم الخامس ( الجمعة ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

موقع الموجة القبطية - طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية  - طقس الكنيسة القبطية - قراءات الصوم الكبير - اليوم الخامس ( الجمعة ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير  https://copticwave.org - Coptic Orthodox church - Liturgy - Bigfasting Reading
صورة فى موقع الموجة القبطية - طقس الكنيسة القبطية - قراءات الصوم الكبير - اليوم الخامس ( الجمعة ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

اليوم الخامس ( الجمعة ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

اليوم الخامس ( الجمعة ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

لو 11 : 14 - 26 14 و كان يخرج شيطانا و كان ذلك اخرس فلما اخرج الشيطان تكلم الاخرس فتعجب الجموع 15 و اما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين 16 و اخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه 17 فعلم افكارهم و قال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب و بيت منقسم على بيت يسقط 18 فان كان الشيطان ايضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته لانكم تقولون اني ببعلزبول اخرج الشياطين 19 فان كنت انا ببعلزبول اخرج الشياطين فابناؤكم بمن يخرجون لذلك هم يكونون قضاتكم 20 و لكن ان كنت باصبع الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله 21 حينما يحفظ القوي داره متسلحا تكون امواله في امان 22 و لكن متى جاء من هو اقوى منه فانه يغلبه و ينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه و يوزع غنائمه 23 من ليس معي فهو علي و من لا يجمع معي فهو يفرق 24 متى خرج الروح النجس من الانسان يجتاز في اماكن ليس فيها ماء يطلب راحة و اذ لا يجد يقول ارجع الى بيتي الذي خرجت منه 25 فياتي و يجده مكنوسا مزينا 26 ثم يذهب و ياخذ سبعة ارواح اخر اشر منه فتدخل و تسكن هناك فتصير اواخر ذلك الانسان اشر من أوائله + + + وحدة الروح (اتِّهامه ببعلزبول) إن كانت صداقتنا مع الله تقوم على الصلاة بلجاجة، فإن هذه الصلاة يلزم أن تسندها وحدة الروح. فالله في صداقته معنا يريدنا أن نسلك معًا بالروح الواحد، وذلك بعمل روحه القدُّوس واهب الشركة والوحدانيَّة. لهذا يحدِّثنا الإنجيلي لوقا عن إبراء من به شيطان أخرس، وقد أخرجه السيِّد فأتُهم بأنه ببعلزبول رئيس الشيَّاطين. وجد السيِّد بهذا الاتهام فرصته لتأكيد الحاجة إلى وحدة الروح بلا انقسام، وذلك بعمل روحه واهب الشركة. وقد سبق لنا الحديث في هذا الأمر أثناء دراستنا لإنجيل متَّى 12: 22-37، ولإنجيل مرقس 3: 22-30، في شيء من التفصيل، لذا اَكتفي هنا بالملاحظات التالية: أولاً: أثارت معجزة إخراج الشيطان الأخرس دهشة الجماهير وإعجابهم، الأمر الذي أثار قومًا غالبًا من الفرِّيسيِّين، وإذ اِمتلأوا حِقدًا وحسدًا لم يقدروا أن ينكروا المعجزة، لكنهم اِتَّهموا السيِّد أنه ببعلزبول رئيس الشيَّاطين يخرج الشيَّاطين. "بعلزبول" هي الصيغة الآرامية للكلمة: "بعل زبوب"، أي إله الذباب عند العقرونيِّين (2 مل 1: 3)، الذين كانوا يعتقدون أن فيه القدرة على طرد الذباب من المنازل. تشكَّك البعض في أمره، فطلبوا آية من السماء، ليتأكَّدوا أن ما يفعله بقوَّة سماويَّة إلهيَّة وليس بطريق شيطاني، فكانوا يتوقَّعون أن يُنزِل نارًا من السماء كما فعل إيليَّا، ولم يدركوا أن الذي في وسطهم هو السماوي الذي بتنازله حل في وسطهم كواحد منهم. ثانيًا: لم يستجب لطلبتهم فيرسل نارًا من السماء لإِِفنائهم، إذ طلبوا آية من السماء، بل انتهر يوحنا ويعقوب تلميذيه حين سألاه أن يطلبا نارًا لحرق قرية بالسامرَّة رفضته (لو 9: 54). وإنما في طول أناة أجابهم، لا ليُفحِمهم وإنما ليرُدهم إلى الحق، غير متراجعٍ عن حبُّه حتى لمقاوميه، باذلاً حياته فدية عن الجميع. لهذا يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [اِحتمل كل هذه الأمور لكي نسلك على أثر خطواته، ونحتمل هذه السخريات التي تقلق أكثر من أي توبيخ.] ثالثًا: جاءت إجابة السيِّد المسيح لمقاوميه كالعادة ليست دفاعًا عن نفسه بقدر ما هي لبنيان نفوسهم وإصلاح حياتهم، وقد حملت الإجابة جانبين: أ. الجانب السلبي، وهو أنه لا ينقسم عدو الخير على نفسه وإلا هلكت مملكته. وهنا يسألنا ألا ننقسم نحن على أنفسنا، سواء على مستوى الممالك أو مستوى العائلات، إذ يقول: "كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب، وبيت منقسم على بيت يسقط، فإن كان الشيطان أيضًا ينقسم على ذاته، فكيف تثبت مملكته؟ لأنكم تقولون إني ببعلزبول أخرج الشيَّاطين؟" [17-18]. ب. الجانب الإيجابي، فيه يعلن فاعليَّة الروح القدس الذي هو واحد معه في اللاهوات، إذ يعمل بروحه القدُّوس وقوَّته، ويدعوه إصبع الله. في هذا يدعونا الرب ليس فقط ألا نسلك بروح الانقسام على أنفسنا أو على مستوى العائلات أو الكنائس، وإنما أن نقبل روح الله الذي هو روح الشركة عاملاً فينا بقوَّة، لبنيان ملكوت الله. إنه يقول: "إن كنتُ أنا ببعلزبول أخرج الشيَّاطين، فأبناؤكم بمن يُخرجون؟ لذلك هم يكونون قضاتكم، ولكن إن كنتُ بإصبع الله أُخرج الشيَّاطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله" [19-20]. لا يكفي أن نرفض روح الانقسام حتى لا نهلك، وإنما يليق بنا أن نقبل روحه عاملاً فينا، لكي يقبل علينا ملكوته في داخلنا بقوَّة! رابعًا: يسمي السيِّد المسيح الروح القدس "إصبع الله"، ربَّما لأن الإنسان صاحب السلطان حين يشير بإصبعه يتحقَّق كل ما يريده، وكأن الآب والابن يعملان بروحهما القدُّوس كما بالإصبع. يقول القدِّيس كيرلس [يدعى الروح القدس إصبع الله لهذا السبب. قيل عن الابن أنه يد الله وذراعه (مز 98: 1)، به يعمل الآب كل شيء. ولما كان الإصبع غير منفصل عن اليد بل بالطبيعة هو جزء منها، هكذا (مع الفارق) الروح القدس متَّحد مع الابن، وخلاله يعمل الابن كل شيء.] هذا والأصابع مع اختلاف مواضعها وأحجامها وأطوالها تعمل معًا بلا اِنقسام، فتشير إلى تنوُّع الخدمات أو المواهب والروح واحد. كقول الرسول بولس: "فأنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد، وأنواع خِدم موجودة، ولكن الرب واحد. وأنواع أعمال موجودة، ولكن الله واحد، الذي يعمل الكل في الكل، ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة" (1 كو 12: 4-7). يقول القدِّيس أغسطينوس: [يُدعى الروح القدس إصبع الله بسبب توزيع المواهب، فيه ينال كل واحد موهبته، سواء للبشر أو الملائكة، إذ لا يوجد في أعضائنا تقسيم مناسب أكثر من أصابعنا.] كم يقول القدِّيس أمبروسيوس [لقب "الإصبع" يشير إلى الوحدة لا إلى اِختلاف السلطان.] خامسًا: من هم أبناؤهم الذين يُخرجون الشيَّاطين ويكونون قضاة عليهم، إلا جماعة من التلاميذ البسطاء، الذين هم من الأُمّة اليهوديَّة يعيشون ببساطة قلب بينهم، وأُميُون، يُخرجون الشيَّاطين بقوَّة وسلطان، فيدينون بهذا كل اِتهام يوجِّهه الفرِّيسيُّون والكتبة ضد سلطان السيِّد المسيح. يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [كان التلاميذ الطوباويُون يهودًا، وأبناء لليهود حسب الجسد، وقد نالوا سلطانًا من المسيح باستدعاء هذه الكلمات: "باسم يسوع المسيح". فإن بولس أيضًا مرَّة أمر الروح النجس بسلطان رسولي: "أنا آمرك باسم يسوع أن تخرج منها" (أع 16: 18). فإن كان أبناؤكم ـ كما يقول ـ باسمي يطئون بأقدامهم على بعلزبول باِنتهارهم أتباعه (شيَّاطينه) وإخراجهم من الساكنين فيهم، أفليس واضح أنه تجديف بجهل عظيم أن تتَّهمونني بأني أحمل سلطان بعلزبول؟ أنتم الآن متَّهمون خلال إيمان أبنائكم.] ينتقل السيِّد المسيح من إظهار أنه يخرج الشيَّاطين بروحه القدُّوس (إصبع الله) إلى السلطان الذي وهبه لتلاميذه الذين هم أبناء اليهود، ليجذب أنظارهم وأفكارهم من المناقشات الغبيَّة التي يُثيرونها خلال حقدهم وحسدهم إلى التطلُّع نحو السلطان الجديد الذي وُهب للتلاميذ خلاله، وإلى الإمكانيَّة التي صارت للبشريَّة خلال السيِّد المسيح. فما يفعله المسيح يسوع ربَّنا ليس اِستعراضًا لقوَّته الإلهيَّة وإنما هو رصيد يقدِّمه لحساب مملكته في قلوبنا، أي لحساب كنيسته التي في داخلنا، لذلك يقول: "فقد أقبل عليكم ملكوت الله" [20]. بمعنى آخر يوَد إن يقول لهم: عوض إن تتَّهموني بأن أعمل بقوَّة بعلزبول تمتَّعوا بسلطاني الذي أهبه للبشر لتحطيم بعلزبول وطرد أرواحه الشرِّيرة من النفوس والأجساد المحطَّمة. في هذا يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [يقول: إن كنتٌ كإنسان قد صرتُ مثلكم، وأخرج الشيَّاطين بروح الله، فقد نالت الطبيعة البشريَّة فيّ أولاً الملكوت الإلهي، إذ صارت ممجَّدة بكسر سلطان الشيطان واِنتهار الأرواح الدنسة، هذا هو معنى الكلمات: "أقبل عليكم ملكوت الله". لكن اليهود لم يفهموا تدبير الابن الوحيد في الجسد، وأنه كان يجب عليهم بالحري إن يتأمََّلوا أن الابن الوحيد الجنس، كلمة الله قد صار جسدًا دون أن يتغيَّر عما هو عليه، ممجِّدًا طبيعة الإنسان، إذ لم يستنكف أن يأخذ حقارتها لكي يُضفي عليها غناه هو.] سادسًا: إذ نالت البشريَّة في المسيح يسوع سلطانًا بروحه القدُّوس وأعلن عن ملكوت الله فيها، فإنه لم يعد هناك مجال لمملكة الظلمة التي سادت زمانًا، والتي تملَّكت بشراسةٍ وعنفٍ وسلطانٍ خلال ضعفنا. لقد جاء القوي الذي يحطِّم من ظن في نفسه قويًا وأعطيناه الفرصة زمانًا ليسيطر علينا، إذ يقول السيِّد المسيح: "حينما يحفظ القوي داره متسلِّحًا تكون أمواله في أمان. ولكن متى جاء من هو أقوى منه، فإنه يغلبه، وينزع منه سلاحه الكامل الذي اتكل عليه، ويوزِّع غنائمه" [21-22]. هكذا يقدِّم لنا العمل المسيحاني في حياتنا بمثل إنسانٍ قوي متسلِّح في داره، تملك على القلب والعالم كدارٍ له، أسلحته الخبث والدهاء، لكن جاء المسيَّا الأقوى، سلاحه الحب والبذل يحطِّم بالحق الباطل، وبالحب الخبث، وبالنور الظلمة، فيطرد من استعمر القلب وملك على العالم، ساحبًا منه الغنائم. هكذا يوضِّح السيِّد أنه لا هوادة بين النور والظلمة، ولا اِتِّفاق بين المسيح وبليعال. يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [دُعي الشيطان قويًا، ليس لأنه بالطبيعة هو هكذا، إنما بالإشارة إلى سلطانه القديم الذي صار له بسبب ضعفنا.] ويقول القدِّيس كيرلس الكبير: [هذا هو مصير عدوُّنا العام، الشيطان الخبيث، ذي الرؤوس المتعدِّدة، مبتدع الشرّ. فإنه قبل مجيء المخلِّص، كان في قوَّة عظيمة، يسوق القطعان التي ليست له إلى حظيرته، ويغلق عليها، هذه التي هي قطعان الله، فكان كلصٍ مفترسٍ ومتصلِّف للغاية. لكن إذ هاجمه كلمة الله الذي هو فوق الكل، واهب كل قوَّة، رب القوات، بكونه قد صار إنسانًا، فنهب منه أمتعته ووزَّع غنائمه. فإن أولئك الذين كانوا قبلاً قد أُسروا بواسطته في الخطأ والجحود دعاهم الرسل القدِّيسون إلى معرفة الحق والاقتراب إلى الله الآب خلال الإيمان بالابن.] سابعًا: بعد أن قدَّم السيِّد المسيح هذا المثل، قال هذا المبدأ: "من ليس معي فهو عليّ، ومن لا يجمع معي فهو يُفرِّق" [23]. هنا يبرز السيِّد المسيح خطورة الحياة السلبيَّة التي خلالها يظن الإنسان أنه يقف في منتصف الطريق. فإن السيِّد المسيح يقدِّم طريقين لا ثالث لهما: النور أو الظلمة، مملكة الله أو إبليس. من كان يعمل بروح بعلزبول لا يطرد الشيَّاطين لحساب مملكة الله، إنما ينحني لمملكة الظلمة، وهكذا من يحمل روح الله لا يقبل إلا أن يعمل لحساب مملكة الله. وكأنه يطالبهم بمراجعة أنفسهم ليعرفوا بالحق أين هو مركزهم؟ هل هم معه يعملون على الجمع لحسابه، أو ضدُّه يعملون على تشتيت النفوس؟ كأنه يقول لهم قد جئت لأجمع أبناء الله فيّ، هؤلاء الذين شتَّتهم العدو إبليس، فالشيطان لا يعمل معي، بل يود تشتيت من أجمعهم، فهل تطلبونني لتعملوا للجمع أم تطلبونه فتقومون بالتشتيت؟ وكما يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [إنه يقول: جئت لأخلِّص كل إنسان من يدّ الشيطان، لأنقذهم من خبثه الذي اِصطادهم به، لأحرِّر المأسورين، وأُشرق نورًا على الذين في الظلمة، أُقيم الساقطين وأشفي منكسري القلوب، وأجمع أبناء الله المشتَّتين. وأما الشيطان فهو ليس معي، بل عليّ. بالعكس هو ضدِّي، إذ يتجاسر ليشتِّت الذين أجمعهم وأخلِّصهم. كيف إذن يمكن لذاك الذي يقاومني ويبُث شروره ضد غاياتي أن يعطيني سلطانًا ضدُّه؟ أليس من الغباوة إن تتخيَّلوا هذا؟] يُعلِّق القدِّيس يوحنا الذهبي الفم على كلمات السيِّد، قائلاً على لسانه: [إن كان الذي لا يعمل معي يكون خصمًا لي، فكم بالأكثر من يقاومني؟ على أي الأحوال يبدو لي أنه قد أشار بهذا المثل إلى اليهود الذين ثاروا ضدَّه بواسطة الشيطان، إذ كانوا يعملون ضدَّه ويُشتِّتون من يجمعهم.] ثامنًا: بعد أن عرض المثَل الأول الخاص بالأقوى الذي يطرد القوي ويوزِّع غنائمه معطيًا إيَّانا رجاء أن نختفي فيه لكي به نحارب العدو ونطرده من أعماقنا، يقدِّم لنا مثلاً آخر لتحذيرنا: "متى خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة، وإذ لا يجد يقول: أرجع إلى بيتي الذي خرجتُ منه. فيأتي ويجده مكنوسًا مزيَّنًا. ثم يذهب ويأخذ سبعة أرواح أُخر أشرّ منه، فتدخل وتسكن هناك، فتصير أواخر ذلك الإنسان أشرّ من أوائله" [24- 26]. بالمثلين وضَّح السيِّد المسيح الفارق بين عمل السيِّد المسيح وعمل الفرِّيسيِّين، ففي المثل الأول أظهر السيِّد المسيح بكونه الأقوى الذي يحرِّرنا ممن اِستقْوَى علينا وأسَرْنا بخُبثه، وفي المثَل الثاني أظهر عمل الفرِّيسيِّين وقادة اليهود الذين يجولون البَرّ والبحر لاصطياد إنسانٍ، وبعد قبوله الإيمان يجعلونه أشرّ منهم، إذ يتعثَّر فيهم. هكذا ينحرف للشرّ أكثر مما كان عليه قبل قبوله الإيمان. وكما قال الرب: "ويلٍ لكم أيها الكتبة والفرِّيسيُّون المراؤون، لأنكم تطوفون البحر والبَرْ، لتكسبوا دخيلاً واحدًا، ومتى حصل تصنعونه ابنًا لجُهنَّم أكثر منكم مضاعفًا" (مت 23: 15). بهذا المثَل يحذِّرنا لئلاَّ نبدأ الطريق ولا نكمِّله، فإننا إذ نبدأ نطرد الشيَّاطين من قلوبنا كما من مسكنه، لكنه لا يجد راحته إلا في العودة من حيث طُرد، وهكذا يبقى متربِّصًا لعلَّه في تهاوننا يرجع بصورة أشرّ وأقوى لكي يسكن من جديد. هذا هو حال كثير من المسيحيِّين بدأوا بالروح وللأسف كمَّلوا بالجسد (غل 3: 3)، فعاد إبليس ليجد قلوبهم مسكنًا له مكنوسًا ومزيَّنًا لاستقباله. هذا هو حال اليهود الذين سبقوا الأمم في معرفة الله، وكأنهم قد تمتَّعوا بطرد إبليس من قلوبهم، لكنهم إذ جحدوا الرب صاروا أشرّ ممَّا كان عليه قبل الإيمان، بل وأشرّ من الأمم. هذا ما يقوله القدِّيس أمبروسيوس: [بإنسان واحد يُرمز لكل الشعب اليهودي، فالروح النجس خرج بالناموس، ولما لم يجد راحة في الأمم، إذ قبلوا الإيمان المسيحي الذي يحرق الروح النجس، وقد ارتوت قلوب الأمم الجافة بندى الروح القدس وانطفأت سهام العدو الملتهبة نارًا (أف 6: 16)، رجع الروح النجس إلى الشعب اليهودي ومعه أرواح أشرّ منه. هنا رقم 7 يشير إلى كمال العدد.] بنفس المعنى يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [إذ كانوا تحت العبوديَّة بمصر، يعيشون حسب عادات المصريِّين ونواميسهم المملوءة دنسًا سلكوا حياة دنسة وسكن الروح النجس فيهم، إذ يسكن في القلوب الشرِّيرة. ولكن إذ خلصوا بواسطة موسى خلال رحمة الله وتقبَّلوا الشريعة كمعلِّم في مدرسة، ودُعوا إلى نور معرفة الله الحقيقيَّة، طُرد منهم الروح النجس الفاسد. ولكنهم إذ لم يؤمنوا بالمسيح بل جحدوا المخلِّص، هاجمهم الروح النجس من جديد، فوجد قلبهم فارغًا، خاليًا من مخافة الله، كما لو كان مكنوسًا فسكن فيهم. فكما أن الروح القدس إذ يجد قلبًا متحرِّرا من كل دنس، طاهرًا، يأتي ويسكن فيه ويستريح هناك، هكذا الروح الشرِّير اعتاد على السُكنى في قلوب الأشرار، لأنهم ـ كما قلت ـ خالون من كل فضيلة وليس فيهم خوف الرب. بهذا صار أواخر الإسرائيليِّين أشر من أوائلهم.]

قراءات الصوم الكبير

قراءات الصوم الكبير

خدمات الموجة القبطية