https://copticwave.org Coptic Wave Orthodox Church موقع الموجة القبطية

اليوم الثاني ( الثلاثاء ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

اليوم الثاني ( الثلاثاء ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

موقع الموجة القبطية - طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية  - طقس الكنيسة القبطية - قراءات الصوم الكبير - اليوم الثاني ( الثلاثاء ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير  https://copticwave.org - Coptic Orthodox church - Liturgy - Bigfasting Reading
صورة فى موقع الموجة القبطية - طقس الكنيسة القبطية - قراءات الصوم الكبير - اليوم الثاني ( الثلاثاء ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

اليوم الثاني ( الثلاثاء ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

اليوم الثاني ( الثلاثاء ) من الأسبوع الثالث من الصوم الكبير

يو 8 : 31 - 39 31 فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي 32 و تعرفون الحق و الحق يحرركم 33 اجابوه اننا ذرية ابراهيم و لم نستعبد لاحد قط كيف تقول انت انكم تصيرون احرارا 34 اجابهم يسوع الحق الحق اقول لكم ان كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية 35 و العبد لا يبقى في البيت الى الابد اما الابن فيبقى الى الابد 36 فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا 37 انا عالم انكم ذرية ابراهيم لكنكم تطلبون ان تقتلوني لان كلامي لا موضع له فيكم 38 انا اتكلم بما رايت عند ابي و انتم تعملون ما رايتم عند ابيكم 39 اجابوا و قالوا له ابونا هو ابراهيم قال لهم يسوع لو كنتم اولاد ابراهيم لكنتم تعملون اعمال + + + الحرية الروحية "فقال يسوع لليهود الذين آمنوا به: إنكم إن ثبتم في كلامي، فبالحقيقة تكونون تلاميذي". (31) إذ بدأ كلامه يعمل في قلوب الذين آمنوا حوّل حديثه من الحوار مع الفريسيين المتكبرين إلى المؤمنين البسطاء المبتدئين ليحدثهم عن الحرية الداخلية. أراد أن ينطلق بهم من التصديق البسيط دون أعماق روحية إلى الثبوت فيه والنمو المستمر في الشركة معه. كانوا ضعفاء في الإيمان، لكنه كراعٍ حملهم على منكبيه في حنو مترفق. فتح أمامهم طريق التلمذة الحقيقية له، وهو الاستمرارية أو الثبوت في كلمته. لا يكفي أن يلتحقوا بمدرسته، بل يلزمهم أن يستمروا، فيتمتعوا بحركة نمو مستمرة لا تنقطع. كثيرون أخذوا مظهر التلمذة، وحملوا الاسم، لكنهم لم يثابروا في كلمته. التلمذة الحقيقية له هي الثبوت فيه، والتمتع الدائم بالشركة معه. مادمنا في الحياة نبقى ملتحقين بمدرسته، جادين في التمتع بمعرفته العملية. حقًا لقد قبلنا الحق الإلهي، لكن يلزمنا أن نسلك فيه ونحبه ونتمسك به ونحفظه داخلنا. + الآن يتكلم بهذه الكلمات حتى يحدث ما يلحق ذلك: "وبينما هو يتكلم بهذا آمن به كثيرون" (30)، حيث جاء الفقراء إلى الخزانة لينالوا من هناك ما يستطيعوا وما يُوزع عليهم. لذلك آمن كثيرون به، لكن ليس كثيرون عرفوه، وقد وُجد من بين الذين آمنوا به من ثبتوا في كلمته، هؤلاء الذين صاروا بالحقيقة تلاميذه. لذلك فإنه ليس كثيرون يعرفونه، لكن إذ يحرر الحق (32) لا يتحررون، بل قليلون يرتفعون إلى الحرية. من هم أولئك الذين يعرفونه، أو من يرفعونه؟ كما يعلِّم بنفسه حين يقول: "متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تعرفون إني أنا هو" (راجع 2?). الآن ليس أحد يُعطى لبنًا لكي يشرب، إذ يُعد نفسه لقبول الطعام القوي (1 كو 3: 2؛ عب 5: 12). لهذا يقول مثل هذا الشخص: "جزمت ألا أعرف شيئًا بينكم إلاَّ يسوع المسيح وإياه مصلوبًا" (1 كو 2: 2). العلامة أوريجينوس + لكي تكون تلميذًا لا يكفي أن تأتي، بل وأن تستمر (تثبت). لذلك لم يقل: "إن سمعتم كلمتي"، ولا "إن جئتم إلى كلمتي" أو "إن مدحتم كلمتي" لكن لاحظوا ماذا قال: "إن ثبتم (استمررتم) في كلمتي، بالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحق، والحق يحرركم" (31-32). ماذا نقول يا اخوة؟ أن تستمر (تثبت) في كلمة الله هل هو أمر متعب أم لا؟ إن كان شاقًا فلننظر إلى المكافأة العظيمة. إن كان ليس شاقًا، فإنك قد تسلمت المكافأة مقابل لا شيء. لنستمر (نثبت) في ذاك الذي يثبت فينا. إن لم نثبت فيه نسقط، أما هو فإن لم يثبت فينا لا يفقد مسكنًا. فإنه يبرع في سكناه في ذاته الذي لن يترك ذاته. أما بالنسبة للإنسان فحاشا لله أن يثبت في ذاته، إذ فقد ذاته. لهذا نثبت فيه عن عوز من جانبنا، وأما هو فيثبت فينا عن رحمة بنا. + ماذا تعني "إن ثبتم"؟ إن كنتم تُبنون على الصخرة" (مت 7: 24). يا لعظمة هذا يا اخوة!... ما هي المكافأة؟ "تعرفون الحق والحق يحرركم". احتملوني منصتين إليّ، فأنتم تدركون أن صوتي واهن. أعينوني بإنصاتكم الهادئ. يا لها من مكافأة مجيدة! "تعرفون الحق". هنا قد يقول قائل: "وماذا ينفعني أن أعرف الحق؟ "والحق يحرركم". إن كان الحق ليس له مفاتن بالنسبة لكم ليكن للحرية مفاتنها. في اللغة اللاتينية تعبير "يتحرر" يُستخدم في معنيين. ونحن قد اعتدنا أن نسمع هذه الكلمة في هذا المعنى أن من كان حرًا يفهم بأنه قد هرب من بعض الخطر وتخلص من بعض العوائق. ولكن المعنى اللائق للتحرر هو "أن تكون في أمان"، و"أن تُشفى"، و"أن تكون كاملاً"، وهكذا أن تتحرر تعني أن تصير حرًا. القديس أغسطينوس معرفة الحق ليست معرفة نظرية بل معرفة اختبار له واتحاد معه. + انظروا إن كان الكتاب المقدس لم يقل أيضًا في موضع آخر أن الذين يتحدون مع شيءٍ ما ويصيرون معه واحدًا يعرفون هذا الذي صاروا معه واحدًا وانشغلوا به. قبل هذه الوحدة والشركة فإنهم حتى وإن أدركوا شروح قُدمت لهم عن الشيء فإنهم لا يعرفونه. كمثالٍ، قال آدم عن حواء: "هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي" (تك 2: 23)، فإنه لم يعرف زوجته، وحين التصق بها قيل: "عرف آدم حواء امرأته" (تك 4: 1). من يتعثر لأننا استخدمنا هذه العبارة: "عرف آدم حواء امرأته" كمثال لمعرفة الله ليأخذ في اعتباره أولاً: "هذا السرّ عظيم" (أف 5: 32)، بعد ذلك يقارن ما قوله الرسول عن الذكر والأنثى، فقد استخدم نفس اللغة الخاصة بالرجل مع الرب. "من التصق بزانية هو جسد واحد، وأما من التصق بالرب فهو روح واحد" (1 كو 6: 16 - 17). لذلك من يلتصق بزانية يعرف الزانية، ومن يلتصق بزوجته يعرف زوجته، ولكن بالأكثر من يلتصق بالرب يعرف الرب بطريقة مقدسة. إن كان الأمر هكذا فإن الفريسيين لم يعرفوا الآب ولا الابن. العلامة أوريجينوس + "إن ثبتم" (استمررتم) في الإيمان الذي يبدأ الآن فيكم يا من تؤمنون فإلى أين تبلغون؟ تطلعوا إلى طبيعة البداية وإلى أين تقودكم. إنكم تحبون الأساس اهتموا بالقمة، اطلبوا وأنتم في هذا المستوى البسيط (الهين) الارتفاع والسمو. فإن الإيمان له التواضع، لكن المعرفة والخلود والأبدية فلها لا السفليات بل العلو، أي الارتفاع والشبع الكامل والاستقرار الأبدي والحرية الكاملة من الهجمات المعادية ومن الخوف من الفشل. هذه التي لها البداية في الإيمان عظيمة لكنه يُستخف بها. ففي إنشاء مبنى عادة يعطى الذين بلا خبرة الأساسات قدرًا ضئيلاً. تُصنع حفرة عظيمة وتلقى الحجارة في كل موضع وبكل طريقة. لا تظهر فيها زخرفة ولا جمال، وهكذا أيضًا في جذر الشجرة لا يظهر جمال. ومع ذلك كل ما يبهجكم من الشجرة ينبع من الجذر. تتطلع إلى الجذر فلا تجد بهجة؛ تتطلع إلى الشجرة وتدهش بها. إنسان غبي! ما تُعجب منه ينمو مما لا يعطيك بهجة. هكذا إيمان المؤمنين يبدو كأنه أمر تافه، ليس لديك ميزان لكي تزنه. لتسمع إذن ما يقدمه الإيمان وتتطلع إلى عظمته. إذ يقول الرب في موضع آخر: "إن كان لكم إيمان مثل حبة خردل" (مت 17: 20). أي شيء أقل من هذا؟ ومع هذا أية طاقة أعظم تنتشر منه؟ أي شيء أصغر منها؟ ومع هذا أي شيء ينتشر بأكثر قوة منها؟ هكذا يقول: "إن ثبتم في كلمتي" أي إن آمنتم، فإلي أين تُحضرون؟ "بالحقيقة تكونون تلاميذي" (31). وماذا ينفعهم هذا؟ "وتعرفون الحق" (32). القديس أغسطينوس "إنكم إن ثبتم في كلمتي" هو تعبير لمن يعلن ما في قلوبهم، ويعرف أنهم آمنوا لكنهم لم يستمروا في ذلك. وها هو يعدهم بأمر عظيم أنهم يصيرون تلاميذه. فقد تركه قبلاً البعض، وها هو يشير إليهم بقوله: "إن استمررتم" لأن هؤلاء أيضًا سمعوا وآمنوا وتركوه، لأنهم لم يستمروا. "رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء، ولم يعودوا يمشوا معه" (يو 6: 66). القديس يوحنا الذهبي الفم "وتعرفون الحق، والحق يحرركم". (32) هنا يتحدث عن المعرفة العملية والتلامس مع قوتها لممارسة التلمذة الحقيقية له، فنتمتع بالحرية الداخلية. فمادامت الخطية ساكنة في الإنسان لم تتحطم بعد، لا يقدر أن يمارس روح البنوة الذي ناله في مياه المعمودية ليدعو الآب أباه (رو ?: 15). عبودية الخطية هي أخطر أنواع العبودية والتحرر منها هو أعظم أنواع الحرية. من يعرف الحق ويثبت فيه، أي يعرف السيد المسيح ويقتنيه، يتحرر من عبودية الخطية، ويصير له فكر المسيح المتناغم مع إرادة الله، يحيا في كمال الحرية حسب مشيئة خالقه. إنه المحرر الذي يقول: "روح السيد الرب عليّ، لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق" (إش 61: 1). على الصليب عتقنا من خطايانا، وحررنا من أسرها، وبقيامته وهبنا برّه الإلهي، فلم نعد بعد عبيدًا للخطية. حررنا إنجيله من نير حرفية الناموس لنحيا بحرية الروح كأولاد الله. نختبر الحياة السماوية، كمن يدخل أورشليم العليا، أمنا الحرة. + ألم يبلغوا مثل هذه المعرفة حين كان الرب يكلمهم؟ إن كانت ليس لهم المعرفة فكيف آمنوا؟ لقد آمنوا ليس لأنهم كانوا يعرفون، وإنما لكي يعرفوا. فإننا نؤمن لكي نعرف، ولسنا نعرف لكي نؤمن. لأن ما سنعرفه لم تره عين ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال بشر (إش 64: 4؛ 1 كو 2: ?) لأنه ما هو الإيمان إلاَّ تصديق ما لم تروه بعد؟. + "وتعرفون الحق". الحق غير متغير. الحق هو خبز، ينعش عقولنا ولا يسقط، يغَّير من يأكله، ولا يتغير فيمن يأكله. الحق هو كلمة الله... الابن الوحيد. هذا الحق التحف جسدًا من أجلنا لكي ما يُولد من العذراء مريم وتتم النبوة: "الحق نبع عن الأرض" (مز ?5: 11). هذا الحق إذن وهو يتحدث مع اليهود اختفى في الجسد. لكنه لم يختفِ لكي يُنكر، وإنما لكي ما يُرجأ إعلانه، يُرجأ لكي ما يتألم في الجسد، ويتألم في الجسد لكي ما يخلص الجسد من الخطية. هكذا ظهر بالكامل بخصوص ضعف الجسد، وكان مخفيًا من جهة جلال اللاهوت. القديس أغسطينوس + "وتعرفون الحق" بمعنى: "ستعرفونني، إذا أنا هو الحق. كل الأمور اليهودية هي رموز، لكنكم تعرفون الحق فيَّ، وهو يحرركم من خطاياكم"... إنه لم يقل "أحرركم من العبودية" فقد تركهم هم يستنتجون ذلك. القديس يوحنا الذهبي الفم "أجابوه: إننا ذرية إبراهيم، ولم نُستعبد لأحد قط، كيف تقول أنت إنكم تصيرون أحرارًا؟" (33) واضح أنهم لم يدركوا حديث يسوع المسيح عن "الحرية"، فحسبوا دعوته لهم للتمتع بالحرية إهانة كبرى، لأنهم أبناء إبراهيم الحر، الذي يدعو الله "خليلي" (إش 41: ?). كان اليهود يفتخرون بأنهم نسل هذا الأب العظيم. يقول الربّي اكييبا Akiba Rabbi الذي مات حوالي 135م: [يُنظر حتى إلى أفقر الأشخاص في إسرائيل كأحرار، هؤلاء الذين فقدوا ممتلكاتهم، لأنهم أبناء إبراهيم واسحق ويعقوب. كل الأمة تعتز بهذه الكرامة الخاصة بانتسابها لهؤلاء الآباء العظماء لا بكثرة ممتلكاتهم]. هذا هو شعور اليهود في عصر المسيح. ظنوا أن انتسابهم لإبراهيم بالجسد يحررهم بينما نجد الغني الغبي في الجحيم يدعو إبراهيم أباه: "يا أبي إبراهيم ارحمني وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ويبرد لساني، لأني معذب في هذا اللهيب" (لو 16: 24). كيف تجاسروا وقالوا: "لم نُستبعد لأحد قط" (33)؟ ألم يُستعبدوا للمصريين وقام موسى بتحريرهم؟ ألم يُستعبدوا عدة مرات لأمم مجاورة في أيام القضاة؟ ألم يُستعبدوا لبابل مدة سبعين عامًا؟ وأخيرًا يدفعون الجزية لقيصر الروماني؟ لا يبالي الجسدانيون بالعبودية الداخلية، كل ما يشغلهم تمتعهم بالشهوات الجسدية. + هكذا هو افتخار اليهود: "نحن ذرية إبراهيم"، "نحن إسرائيليون". إنهم لم يشيروا قط إلى أعمالهم البارة. لهذا صرخ فيهم يوحنا قائلاً: "لا تقولوا لنا إبراهيم أبًا" (مت 3: ?). ولماذا لم يفحمهم المسيح إذ كثيرًا ما استعبدهم المصريون والبابليون وأمم كثيرة؟ لأن لكماته لم يقدمها لينال كرامة لنفسه، وإنما لأجل خلاصهم، لنفعهم، فكان يضغط عليهم بهذا الهدف... إنه لم يرد أن يظهر أنهم كانوا عبيدًا للناس بل للخطية، التي هي عبودية خطيرة، لا يقدر أن يحررهم منها سوى الله وحده. القديس يوحنا الذهبي الفم + كل شخصٍ: يهودي أو يوناني، غني أو فقير، صاحب سلطة أو في مركز عام، الإمبراطور أو الشحاذ، "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" )34(. إن عرف الناس عبوديتهم يرون كيف يقتنون الحرية. المولود حرًا ويسبيه البرابرة يتحول من حرٍ إلى عبدٍ، وإذ يسمع عنه شخص آخر يتحنن عليه ويتطلع أن لديه مالاً فيفديه، يذهب إلى البرابرة ويعطيهم مالاً ويفدي الرجل. إنه بالحق يرد له الحرية، إذ ينزع الظلم... إني أسأل الذي أُفتدى: هو أخطأت؟ يجيب "أخطأت". إذن لا تفتخر بنفسك انك قد أُفتديت، ولا تفتخر يا من افتديته، بل ليهرب كليكما إلى الفادي الحقيقي. انه جزئيًا يُدعى الذين تحت الخطية عبيدًا، إنهم يدعون أمواتا. ما يخشاه الإنسان حلول السبي عليه الذي جلبه الإثم عليه فعلاً. لماذا؟ هل لأنهم يبدون أنهم أحياء؟ هل أخطأ القائل: "دعي الموتى يدفنون موتاهم" (مت ?: 22)؟ إذن فكل الذين تحت الخطية هم أموات، عبيد أموات، أموات في خدمتهم، وخدام (عبيد) في موتهم. + من الذي يحرر من الموت ومن العبودية إلاَّ ذاك الذي هو "حرّ من بين الأموات" (مز ??: 5)؟ من هو "الحرّ من بين الأموات" إلاَّ ذاك الذي بلا خطية وسط الخطاة؟ يقول مخلصنا نفسه، منقذنا: "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء" (يو 14: 30). (رئيس هذا العالم) يمسك بمن يخدعهم ومن يغويهم، ومن يحثهم على الخطية والموت، هذا "ليس له فيّ شيء". تعال أيها الرب، تعال أيها المخلص. ليتعرف عليك الأسير. دع من اقتيد إلى السبي أن يهرب إليك. كن فاديًا له! إذ كنت مفقودًا وجدني ذاك الذي لم يجد الشيطان له فيه شيئًا آتيا من الجسد. لقد وجد في رئيس هذا العالم جسدًا، لقد وجده لكنه أي نوع من الجسد؟ جسد مائت يمكن أن يمسكه ويقدر أن يصلبه وأن يقتله! لقد أخطأت يا أيها المخادع فإن المخلص لا يُخدع... إنك ترى فيه جسدًا قابلاً للموت لكنه ليس جسد الخطية، بل على شبه جسد الخطية. "الله أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد" (رو ?: 3). في جسد، لكن ليس في جسد الخطية بل "في شبه جسد الخطية". لأي هدف؟ "لكي بالخطية التي بالتأكيد لم يكن منها شيء فيه، يدين الخطية في الجسد، فيتحقق برّ الناموس فينا، نحن الذين لا نسلك حسب الجسد بل حسب الروح (رو ?: 4). لا يدع أحد نفسه حرًا لئلا يبقى عبدًا. لا تبقى نفوسنا في عبودية، لأنه يُعفى عن ديوننا يومًا فيومًا. + حتى بالنسبة للحرية في هذه الحياة، أين هو الحق عندما تقولون: "لم نُستعبد لأحدٍ قط"؟ ألم يُبع يوسف (تك 37: 2?)؟ ألم يذهب الأنبياء القديسون إلى السبي (2 مل 24؛ خر 1: 1)؟ مرة أخرى أليست هذه الأمة عندما كانت تصنع اللبن في مصر خدمت حكامًا عنفاء ليس في ذهب وفضة بل في صنع الطوب (خر 1: 14)؟ إن كنتم لم تُستعبدوا قط لأحد يا أيها الشعب الجاحد، فلماذا يذكركم الله باستمرار أنه خلصكم من بيت العبودية (خر 13: 3؛ تث 5: 6)؟... كيف تدفعون الجزية للرومان، والتي من خلالها أقمتم فخًا لتصطادوا الحق فيه عندما قلتم: "هل يجوز أن نعطي الجزية لقيصر؟" وذلك حتى إن قال يجوز ذلك تتهمونه بسرعة أنه يسئ إلى حرية نسل إبراهيم، وإن قال لا يجوز تشتكونه أمام ملوك الأرض بكونه يمنع الجزية لمثل هؤلاء؟ القديس أغسطينوس "أجابهم يسوع: الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية". (34) هذه المقدمة المهيبة "الحق الحق أقول لكم" هي إعلان مهوب، كثيرًا ما يستخدمه السيد المسيح عندما يصدر أمرًا له خطورته. وهو في هذا يختلف عن الأنبياء، الذين كانوا يرددون العبارة: "هكذا يقول الرب"، لأنهم خدام أمناء لله. أما السيد المسيح فيتكلم باسم نفسه بكونه الابن "أقول لكم". "من يعمل الخطية فهو عبد للخطية": لا يوجد إنسان بار لم يخطئ، لكن ليس كل من يسقط في خطأ هو عبد للخطية. إنما يقصد بقوله "يعمل الخطية" أي يختارها ويفضلها عن برّ الله، يفضل طريق الشر عن طريق القداسة (إر 44: 16-17)، فيقيم عهدًا مع الخطية، ويقبلها دستورًا لحياته، تقوده شهواته الجسدية ومحبته للعالم. يدرك الإنسان عبوديته لها كما مارسها. ففي بداية ممارستها يظن الإنسان أنه صاحب سلطان، له حق قبولها أو رفضها، لكنها إذ تدخل تمسك بعجلة قيادة النفس، ويفقد الإنسان سيطرته على إرادته تدريجيًا، فتكون الخطية أشبه بمخدر لا يقدر أن يستغني عنها. تحركه الخطية حسب هواها ليمارس ما لم يكن يتوقعه يومًا ما. وكما يقول كثير من آباء البرية أنه إذ تحتل خطية مكانًا في قلب الإنسان أو فكره تملك عليه وتفتح الطريق لغيرها من الخطايا لتملك معها، ويدخل الإنسان في سلسلة من الخطايا لا يقدر على مقاومتها بنفسه. + "أجابهم يسوع: الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية". إنه عبد، يا ليته لإنسانٍ بل للخطية! من لا يرتعب أمام مثل هذه الكلمات؟ الرب إلهنا يهبنا - أنتم وأنا - أن أتكلم بتعبيرات لائقة عن هذه الحرية باحثًا عنها وأن أتجنب تلك العبودية... يا لها من عبودية بائسة! عندما يعاني البشر من سادة أشرار يطلبون على أي الأحوال تغيير السيد. ماذا يفعل عبد الخطية؟ لمن يقدم طلبه؟ إلى من يطلب الخلاص؟... أين يهرب عبد الخطية؟ فإنه يحمل (سيده) أينما هرب. لا يهرب الضمير الشرير من ذاته، لا يوجد موضع يذهب إليه. نعم لا يقدر أن ينسحب من نفسه، لأن الخطية التي يرتكبها هي في داخله. يرتكب الخطية لكي يحصل على شيء من اللذة الجسدية. تعبر اللذة وتبقى الخطية. ما يبتهج به يعبر، وتبقى الشوكة خلفها. يا لها من عبودية شريرة!... لنهرب جميعًا إلى المسيح، ونحتج ضد الخطية إلى الله بكونه مخلصنا. لنطلب أن نُباع لكي ما يخلصنا بدمه. إذ يقول الرب: "مجانًا بُعتم وستخلصون بدون مالٍ" (إش 52: 3). بدون ثمن من جهتكم، بسببي. هكذا يقول الرب لأنه هو دفع الثمن لا بمالٍ بل بدمه، وإلا بقينا عبيدًا معوزين. القديس أغسطينوس أما الابن فيبقى إلى الأبد". (35) لعله يشير هنا إلى طرد إسماعيل وعدم تمتعه بالميراث (تك 21: 10- 4). ليس للعبد حق الميراث من الأسرة التي نشأ فيها. أما الابن الشرعي فله هذا الحق. بل ومن حقه أن يحرر أي عبدٍ في الأسرة، وأن يتصرف في ميراثه كما يشاء. الحرية التي افتخر بها اليهود هي وهم وخيال، إذ لم تكن لهم الحرية الداخلية ولا الحرية الخارجية. هذا ما تفعله العبودية للخطية، إذ توهم عبيدها بالحرية، فيظنون في ممارستهم للشر ممارسة للحياة الحرة بلا قيود، وتحطيم لما يظنوه قيود البرّ والإيمان. الحرية الحقيقية هي في المسيح يسوع حيث يرى المؤمن دستوره الحب الحقيقي، حتى وإن كان ثمنه بذل النفس من أجل الغير، وإمكانياتها إلهية حيث يتمتع المؤمن بالشركة في الطبيعة الإلهية، لا تقدر الأوهام والزمنيات أن تأسره، بل يجد مسرته في تناغم إرادته مع إرادة الله أبيه السماوي. + إن قلت: "فلِم ذكر البيت إذ خاطبهم مذكرًا إياهم بخطاياهم؟ أجبتك: لكي يريهم كما أن السيد في بيته متسلط، كذلك هو متسلط، وسيد الخليقة. بقوله: "لا يبقى" يعني أنه بلا سلطان أن يهب امتيازات، لأنه ليس سيدًا للبيت. أما الابن فهو رب البيت. فإن هذا ما يعنيه بالقول: "يبقى إلى الأبد"، كمجاز مُستعار من الأمور البشرية. فلكي لا يقولوا: "من أنت" قال: "كل شيء هو ملكي؛ أنا هو الابن الساكن في بيت أبي"، مظهرًا بقوله "البيت" سلطانه. ففي موضعٍ آخر يدعو الملكوت "بيت أبيه": "في بيت أبي منازل (مواضع) كثيرة" (يو 14: 3). وإذ كان مقاله خاصًا بالحرية والعبودية، لهذا استخدم المجاز ليخبرهم أنهم بلا سلطان على التمتع بالحرية (أو نوال المغفرة). القديس يوحنا الذهبي الفم + يدخل كثير من الخطاة الكنيسة. لهذا لم يقل "العبد ليس في البيت" وإنما قال: "لا يبقى في البيت إلى الأبد". رجاؤنا أيها الاخوة هو هذا أن نصير أحرارًا بواسطة الحرّ، وإذ يجعلنا أحرارًا يقيمنا عبيدًا. لقد كنا عبيدًا للشهوة، ولكن إذ نتحرر يجعلنا عبيدًا للحب. هذا أيضًا ما يقول الرسول: "فإنكم إنما دعيتم للحرية أيها الاخوة غير أنه لا تصيِّروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا" (غلا 5: 13). إذن لا يقول المسيحي: أنا حرّ، أنا دُعيت للحرية. كنت عبدًا وقد خلصت، وبخلاصي هذا صرت حرًا، أفعل ما يحلو لي. لا يصد أحد إرادتي مادمت حرًا... لا تفسد حريتك بالخطية، بل استخدمها في عدم ارتكاب الخطية. فإنه متى كانت إرادتك ورعة عندئذ فقط تكون حرة. تكون حرًا إن كنت لا تزال عبدًا متحررًا من الخطية وخادمًا للبرّ. وكما يقول الرسول: "لأنكم لما كنتم عبيد الخطية كنتم أحرارًا من البرّ... وأما الآن إذ أُعتقتم من الخطية وصرتم عبيدًا لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية" (رو 6: 20، 22). القديس أغسطينوس "فإن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارا". (36) يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن الابن يظهر هنا مساواته للآب في السلطان، فإن الله وحده هو الذي يبرر ويدين (رو ?: 33، 34). الابن بلا خطية ويهب الحرية من الخطية، الأمر الذي هو من اختصاص الله وحده. هذا وقد أوضح لهم أن الحرية التي في أذهانهم ليست أصيلة، أما التي يهبها الابن فهي الحرية الحقيقية: "بالحقيقة تكونون أحرارًا". + لقد جاء في الجسد، أي في شبه جسد الخطية (رو ?: 3)، لكن ليس في جسد خاطئ، لأنه ليس فيه خطية نهائيًا، ولهذا صار ذبيحة حقيقية عن الخطية، لأنه هو نفسه بلا خطية. + باستحقاق فعّال يخلص من عبودية الخطية هذه، هذا الذي يقول في المزامير: "صرت إنسانًا بلا سند، حرًا بين الأموات" (مز ??: 4، 5). فإنه وحده كان حرًا إذ لم يكن فيه خطية. إذ هو نفسه يقول في الإنجيل: "رئيس هذا العالم يأتي" يقصد الشيطان الذي يأتي في أشخاص اليهود المضطهدين له، "وليس له فيّ شيء" (يو 14: 30 - 31). فلا يجد فيَّ نسبة ما من الخطية كما في أولئك الذين يُقتلون كأبرارٍ، لا يجد قط شيئًا ما فيّ... إنني لست أدفع عقوبة الموت كضرورة بسبب خطاياي، لكنني أموت متممًا إرادة أبي. في هذا أنا أفعل إذ أحتمل الموت، فلو كنت لا أريد الألم ما كنت أتألم. يقول بنفسه في موضع آخر: "لي سلطان أن أضع حياتي، ولي سلطان أن آخذها أيضًا" (يو 10: 1?). بالتأكيد هنا ذاك الذي هو حر بين الأموات. + كما أن الطبيب يكره مرض المريض ويعمل بمقاييس الشفاء لينزع المرض ويشفي العليل، هكذا الله يعمل بنعمته فينا، ليبدد الخطية ويتحرر الإنسان. + من ثم يقول الرسول ما نبدأ نحن نقوله: "فإني أُسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن" (رو 7: 22). هنا إذن نصير أحرارًا عندما نُسر بناموس الله، لأن الحرية لها الفرح. فإنك مادمت تفعل الصلاح عن خوفٍ، فإن الله لا يكون موضع مسرتك. لتجد مسرتك فيه فتكون حرًا. لا تخف العقوبة بل حب البرّ. هل لازلت لا تحب البرّ؟ خف من العقوبة حتى تنال محبة البرّ. القديس أغسطينوس "أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم، لكنكم تطلبون أن تقتلوني، لأن كلمتي لا موضع لها فيكم". (37) حسنًا يفتخر اليهود أنهم أبناء إبراهيم، لكن لماذا لم يسلكوا بروح أبيهم في إيمانه وطاعته لله؟ لماذا لم يثبتوا انتسابهم له بالعمل، لأنهم يطلبون قتل السيد المسيح؟ إن كان قتل البريء جريمة عظمى فماذا يكون قتلهم لملك الملوك؟ في طاعة كاملة وإيمان قدم إبراهيم ابنه الحبيب ذبيحة محرقة لله، وها هم في تمرد يطلبون قتل ابن الله الحبيب! يفتخرون بانتسابهم لإبراهيم الذي نال وعدًا أن يكون أبًا لأممٍ كثيرة، وإذ حان الوقت لتحقيق الوعد، إذ جاء من نسله السيد المسيح الذي يضم الأمم معًا كأبناء روحيين لإبراهيم يريد اليهود قتله. أما سرّ مقاومتهم للحق، وعدم تمتعهم بالبركات التي نالها أبوهم إبراهيم فهو كما قال السيد: "لأن كلامي لا موضع له فيكم". لم يتركوا لكلام السيد المسيح، للحق نفسه، موضعًا في قلوبهم، لأن الحسد والغيرة والفساد ملأ قلوبهم، ولم يترك مجالاً لدخول الحق إليها. حين يغلق الإنسان أبواب قلبه بالشهوات الجسدية ومحبة العالم لا يقتحمها الحق، لأنه لن يدخل قسرًا ما لم يجد ترحيبًا، فيدخل الحق كما إلى بيته، ويتسلم عجلة القيادة ليدير كل حركة القلب والفكر والحواس والمشاعر، فيتحول الإنسان بالنعمة الإلهية إلى كائنٍ روحيٍ، يقوده روح الرب. + إن كنتم تفتخرون بعلاقتكم بإبراهيم، يلزمكم أيضًا أن تترقوا أن تسلكوا ذات سلوك حياته. ولم يقل "ليس لكم موضع لكلماتي"، بل "كلمتي لا موضع لها فيكم"، مشيرًا إلى سمو التعاليم. ومع ذلك فإنه ليس بسبب هذا يلزم أن يقتلوا بل أن يُكرموا وينصتوا إليه لكي يتعلموا. القديس يوحنا الذهبي الفم يقدم لنا العلامة أوريجينوس الفارق بين "ذرية" و"أبناء" من الجانب الحرفي. فالذرية أو البذور إذ تُلقى في المرأة قد تنجب ابنا أو لا تنجب. كأن كل الأبناء هم من الذرية أو البذور لكن ليس كل الذرية أو البذور هم أبناء. فالسالكون حسب حياة إبراهيم هم من ذريته وأبنائه. أما من هم أبناء له حسب الجسد دون السلوك حسب حياته فهم ذرية وليسوا بالحق أبناء له. لهذا يقول العلامة أوريجينوس إنه إن وُجد إنسان ليس ابنا لإبراهيم ولا هو من ذريته فلا يُلام مثلهم إن كان خاطئًا لأنه لم يجد فرصه أن يُولد من بذار رجل بار فيكون كأبيه. أما الذين هم من ذرية إبراهيم، فكان يلزمهم أن يُحسبوا أبناء لإبراهيم سالكين مثل أبيهم. إنهم ذريته لكنهم ليسوا بالحق أبناء إبراهيم، لأنهم لا يحيون كأبيهم. مرة أخرى يقول: [إبراهيم صار إبراهيم مع أنه ليس من ذرية إبراهيم (لم يلد نفسه) بل من ذرية السابقين له، هكذا يُمكن لشخص ما بغرس بذارٍ صالحة في نفسه أن يصير إبراهيم آخر، مع أنه ليس من ذرية إبراهيم نهائيًا، إنما فيه الكفاية أن يغرس بذورًا مثل إبراهيم]. إذ سلك شعب بني إسرائيل كما يسلك الأموريون والحثيون الوثنيون لهذا قيل عنهم: "أبوك أموري وأمك حثية" (حز 16: 3)، مع أنهم من ذرية إبراهيم ومن نسل سارة، لكنهم لم يحسبوا أبناء إبراهيم ولا من سارة! + نتعلم من هذا بوضوحٍ شديدٍ أنه يجب أن نفسر كل قصة إبراهيم رمزيًا، ونمارس كل ما فعله بطريقة روحية، ابتداء من الوصية: "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك" (تك 12: 1). هذه العبارة تُقال ليس لإبراهيم وحده بل ولكل من يريد أن يكون ابنًا له... والرب الإله الذي ظهر لإبراهيم يظهر لنا، ويعدنا أن يعطينا الأرض التي حول السنديانة العليا لذرية نفوسنا الروحية (تك 12: 6). أيضًا يلتزم من يفهم الوصية: "تعملون أعمال إبراهيم" (3?) أن يبني مذبحًا للرب الذي يظهر لنا حيث توجد البلوطة العليا، ثم يرحل من البلوطة العليا إلى الجبل. الجبل في شرق بيت إيل التي تعني "بيت الله". لهذا فإنه ينصب خيمته عند بيت إيل في الغرب وعاي في الشرق، عاي تعني أعيادًا... إن كنتم أبناء اسحق اعملوا أعمال اسحق، وهكذا بالنسبة ليعقوب وكل الآباء القديسين. وعلى العكس كل شخصٍ يخطئ يُدعى من جهة الجنس أنه ابن إبليس، حيث أن من يخطئ هو مولود من إبليس (1 يو 3: ?)... لهذا تقولون أن كل شخص سيذهب إلى آبائه عندما يخلص من هذه الحياة، إذ يلزمنا عند وقت الرحيل أن يُقال ليس لإبراهيم وحده بل لكل البشر: "وأما أنت فتمضي إلى آبائك" (تك 15: 15). غير أن لا يُقال "بسلام" (تك 15: 15) لكل الناس في ذلك الحين وإنما للقديسين، إذ يحتفظون بشيخوخة صالحة. يُقال هذا للذين تكملوا وتمتعوا برحلة روحية طويلة إذ "الفهم بالنسبة للبشر هو الشيبة" (حك 4: ?)، والشيبة هي إكليل الافتخار (أم 16: 31). والشيبة التي تزينهم هي مجد للشيوخ الصالحين بالحق. العلامة أوريجينوس + "أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم، لكنكم تطلبون أن تقتلوني، لأن كلامي لا يمسك بكم"... إنني أعرف أنكم ذرية إبراهيم حسب الأصل الجسدي، وليس بالقلب المؤمن. لو أُخذ كلامي لأمسك بكم، ولو أمسك بكم لكان يُمسك بكم كالسمك في شباك الإيمان. إذن ماذا يعني "لا يُمسك بكم"؟ لا يمسك بقلوبكم لأنها لا تقبله. فإنه هكذا هي كلمة الله، وهكذا يجب أن تكون بالنسبة للمؤمنين، إنها كالصنارة بالنسبة للسمكة. إنها تأخذ السمكة حين تأخذها السمكة. لا يحل ضرر ما بمن يُمسك بهم إذ يُمسكون للخلاص وليس للدمار... أما هؤلاء فإنهم ورثوا الجنس الجسدي، لكنهم صاروا منحلين عنه بعدم إقتدائهم بإيمانه كأبناء له. القديس أغسطينوس البنوة الله والبنوة لإبليس "أنا أتكلم بما رأيت عند أبى، وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم". (38) إذ كان اليهود يفتخرون بأنهم أبناء إبراهيم، من نسله حسب الجسد، قدم لهم نفسه أنه هو ابن الله بالطبيعة، ويود أن يرتبطوا به ليتمتعوا بالبنوة لله بالنعمة عوض ما بلغوا إليه من بنوة لإبليس. هم يريدون قتله مع أنه ابن الله بالطبيعة، وبفعلهم هذا يؤكدون أنهم نالوا التبني لإبليس. ما يتكلم به السيد المسيح هو الحق الأبدي الذي يراه في حضن أبيه، لأنه هو كلمة الله. توجد أسرتان لن تتحدا: الله وأبناؤه، وإبليس وأبناؤه. لا يقدر أحد أن ينتسب للأسرتين معًا، فإنه إذ يقبل الواحدة يقاوم الأخرى بالضرورة، حتى وإن لم تكن المقاومة علنية. ما يقدمه السيد المسيح ليس فقط ما يسمعه من الآب بل ما يراه، لأنه كائن في حضن الآب يراه، ما ينطق به الأنبياء هو بناء على ما يسمعوه من الله أو ما يرونه خلال رؤى، أما السيد المسيح فهو الكلمة الإلهي ذاته، وهو الحق الإلهي نفسه. + أنا بكلامي وبالحق أعلن عن الآب، هكذا لتفعلوا أنتم بأعمالكم. فإنه ليس لي فقط ذات الجوهر مع الآب بل وذات الحق معه. القديس يوحنا الذهبي الفم + لكن إبراهيم أيضًا وُلد وسط الجنس البشري، كثيرون كانوا قبله وكثيرون بعده. أنصت إلى صوت الآب إلى الابن: "قبل لوسيفور ولدتك" (مز15: 3 Vulgate). لقد وُلد الذي ينير الكل قبل لوسيفور (إش 14: 27)... لماذا يذكر لوسيفور؟ لأنه إذ استنار أنار. ولماذا صار مظلمًا؟ لأنه لم يثبت في الحق (يو 8: 44). + "أنا أتكلم بما رأيت عند أبي، وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم" (2?). أنا أرى الحق؛ أنا أنطق بالحق، لأني أنا هو الحق. فإنه إذ يتكلم الرب بالحق الذي يراه عند الآب إنما يرى نفسه، ويتكلم بنفسه الذي يراه عند الآب. لأنه هو الكلمة، وكان الكلمة عند الله (يو 1: 1). الشر الذي يفعله هؤلاء الناس والذي يعنفه الرب ويمنعه، أين رأوه؟ عند أبيهم... هنا يتحدث عن أب آخر لهم، هذا الذي لم يلدهم ولا خلقهم ليصيروا بشرًا. ومع هذا فهم أبناؤه بكونهم أشرارًا وليس بكونهم بشرًا. انهم أبناؤه لأنهم يتمثلون به، وليس خُلقوا بواسطته. القديس أغسطينوس "أجابوا وقالوا له: أبونا هو إبراهيم. قال لهم يسوع: لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم". (39) للابن طبيعة أبيه، بالطبيعة يتمثل به. فكان يليق بهم إن كانوا بالحق أبناء إبراهيم أن يحملوا إيمانه وطاعته وبره، لا أن يقتلوا من يتكلم بالحق، الأمر الذي لم يكن ممكنًا لإبراهيم أن يمارسه. بهذا حرموا أنفسهم من الانتساب له روحيًا. + هنا يعالج موضوع نيتهم للقتل مشيرًا إلى إبراهيم. وهو بهذا يود أن يسحبهم من انشغالهم بالانتساب لإبراهيم ونزع الكبرياء عنهم ليحثهم بالأكثر للرجاء في الخلاص لا في إبراهيم ولا بعلاقتهم الطبيعية به، وإنما في التمتع بإرادته (البارة). لأن ما كان يعوقهم عن المجيء إلى المسيح هو هذا، أنهم كانوا يظنون أن هذه العلاقة تكفي لخلاصهم. القديس يوحنا الذهبي الفم + "أجابوا وقالوا له: أبونا هو إبراهيم" (3?)، كما لو أنهم يقولون: ماذا تقول ضد إبراهيم؟ أو إن كنت تستطيع تجاسر وأظهر خطأ في إبراهيم. لم يكن الرب غير قادر أن يتجاسر ويجد خطأ في إبراهيم، ولكن إبراهيم ليس بالشخص الذي يريد الرب أن يُظهر له خطأ بل يزكيه. أما هؤلاء فيبدو أنهم أرادوا أن يتحدوه كي يتكلم بشرٍ عن إبراهيم فيجدوا فرصة ليتمموا مقاصدهم. القديس أغسطينوس

قراءات الصوم الكبير

قراءات الصوم الكبير

خدمات الموجة القبطية